حسين العبدالله: ماذا ننتظر من حكم الدستورية

إنه سؤال محير للمرحلة المقبلة التي سنعيشها بعد الثالث من إبريل المقبل، وهو التاريخ المتوقع لصدور أحكام المحكمة الدستورية في الـ23 طعناً انتخابياً المقامة على مرسوم الصوت الواحد بتعديل المادة الثانية من قانون الدوائر الانتخابية وتخفيض عدد الأصوات إلى صوت واحد. والسؤال المحير هو: ماذا ننتظر من حكم المحكمة الدستورية للمرحلة المقبلة؟
فأولاً، هل ننتظر حكما بعدم دستورية المرسوم بقانون بتخفيض الصوت الواحد لعودة الاصوات الأربعة مجددا، والدعوة الى انتخابات بعدها، ثم يعود مجلس 2012 المبطل من المحكمة الدستورية بكامل هيئته مرة أخرى أو قد لا تعود، وهل ستعود معه قضاياه السابقة ومطالبه، وما هي تكلفة هذا الخيار؟
وثانيا، هل ننتظر حكما يصدر من المحكمة الدستورية يبطل الانتخابات فقط دون أن تمتد رقابة المحكمة الدستورية الى مرسوم الصوت الواحد، وعندها ستعاد الانتخابات فقط مع بطلان المجلس الحالي مع سريان قوانينه؟ وعندها هل سترتفع المشاركة الشعبية في الانتخابات المقبلة من الجميع على اعتبار أن مرسوم الصوت الواحد بات تركة يتعين على الجميع تحملها أم ستستمر المعارضة بمطالبها؟
وثالثا، هل نحن ننتظر حكما يصدر من المحكمة الدستورية برفض الطعون الانتخابية الخاصة بمرسوم الصوت الواحد ما يعني استمرار المجلس الحالي بتركيبته الحالية واستمرار مرسوم الصوت الواحد؟
ثلاثة أسئلة محيرة باعتقادي، ولكن الجميع ينتظر إجابة المحكمة الدستورية فقط على السؤال الأول بقضائها بعدم دستورية مرسوم الصوت الواحد لمخالفته نص المادة 71 من الدستور، في حين أن الجميع لا يريد أن يستمع إلى إجابة عن السؤالين الثاني والثالث كونهما يحملان الكثير من التبعات الصعبة التي قد تنقلها المرحلة المقبلة، كون الإجابة عنهما ستدخلنا في مزيد من التصعيد السياسي المتوقع هنا وهناك!
أخيرا، يتعين علينا أن نعي حجم التكلفة الحقيقية لحكم المحكمة الدستورية المتوقع صدوره إذا أردنا أن نتخيل شكل المرحلة المقبلة بشكل أوضح فالتركيز على فرضية واحدة سيفقدنا التركيز في التعامل مع الأحداث المقبلة، والتعاطي معها وفق نظرية المؤامرة كونها قد خالفت ما كنا نركز عليه من فرضية واحدة، في حين أن القراءة الحقيقية لكل نزاع قضائي تحتمل التعاطي مع كل الفرضيات المتوقعة، وبالتالي فالأوقع هو التفكير بمنطقية تلك الفرضيات وسلامتها مع الواقعين القانوني والقضائي، لا التركيز فقط في فرضية واحدة لمجرد موافقة منطقها مع الجو السياسي!
والسبب أننا لا نعيش مع قضاء جنائي تحكمه النصوص وقناعة قاضي الموضوع، ولا مع قاض مدني وتجاري تحكمه المستندات والقانون معا، بل مع قضاء دستوري يتفنن في رسم طريقه بمفرده، فلا تحكمه إلا سماء القواعد الدستورية التي أطلقت له عنان البحث والحسم والفصل، وكلماته دائما ما تكشف حقيقة النصوص، لذا فالتفكير بإجابات عن كل الأسئلة التي قد تنتهي إليها فرضيات حكم المحكمة الدستورية أفضل سبيل لتخيل التكلفة الحقيقية منها!

المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.