
أثار لقاء الشيخ د. عجيل النشمي غضباً شديدا في بعض الاوساط السلفية الكويتية والسعودية. فقد حذر في هذا اللقاء، «الوطن» 2013/2/1، من تيار «الجامية» و «المدخلية»، وهما تياران سلفيان معاديان لجماعة الاخوان المسلمين ومناوراتها العربية والخليجية، ومعارضان للخروج على الحاكم تجنباً للفتنة، كما هو الموقف السلفي المعروف.
في هذا اللقاء، قال د. النشمي في مبالغة واضحة، «الذي ينظر في الدعوات والغرق والجماعات والاحزاب التي ظهرت على مدار التاريخ الاسلامي لا يجد فرقة مثل هذه الفرقة الخطرة، التي تخصصت في تجريح العلماء والجماعات والاحزاب في كل بلد مهما كانت مكانة هؤلاء العلماء والعلماء والجماعات والاحزاب ولو كانوا من اهل السنة، وخطورتهم اشد ما تكون في هذا العصر».
وانتقد د. النشمي وقوف «الجامية» ضد «الجماعات»، وعلى الارجح يقصد الاخوان، وضد «الحركات الجهادية».. في حروبها ضد الانظمة العربية والاسلامية.
وليس من الواضح ان يقف د. النشمي من قضية الخروج على الحاكم وان كان من المرجح انه يؤيد الخروج واستخدام القوة ضده اذا لزم الامر كما رأينا في بعض الدول العربية، وكما هو ظاهر من كتاباته.
كما لا يمكن لاي قارئ في التاريخ الاسلامي، وما عرف من جماعات وحركات متشددة وارهابية، ان يوافق د. النشمي في اعتبار الجامية «اخطر هذه الجماعات»! بل ان د. ثروت الخرباوي يعتبر جماعة الاخوان المسلمين أخطرتها: «اقول احذروا من جماعة الاخوان المسلمين لانها من اخطر الجماعات التي مرت على الامة الاسلامية عبر تاريخها». (الوطن 2012/1/22).
على كل حال، لسنا في مجال المفاضلة بين جماعات التيار الديني، فجماعات الاسلام السياسي في مجملها معرقلة لاي نهضة عربية او اسلامية شاملة، ولاشك ان الحزب الاسلامي الكبير الواسع الانتشار اخطر من الصغير.. وفي كل شر!!
د. عجيل النشمي يتولى منصب رئيس «رابطة علماء الشريعة بدول مجلس التعاون»، مما يحتم ان تكون مواقفه وافكاره مستقلة عن اي تيار، والا يندفع في موالاة اي حزب او تيار سياسي كان ينتمي اليه الو لايزال، كما يتطلب منصبه مراعاة الاوضاع الخليجية والاقليمية القائمة، وان يكون على رأس فرقة مكافحة لهيب الفتن لا بين مشعلي النار. عن المصلحة العامة لا عن ميوله الشخصية واجتهادات تياره.
ولو نظرنا الى دول مجلس التعاون من موقع الرابطة التي يتولى الدكتور فاضل رئاستها، لعرفنا مثلاً ان التيار الديني في المملكة العربية السعودية في صراع وانقسامات، منذ «حركة جهيمان العتيبي» عام 1980، بل وربما منذ رحيل الملك فيصل عام 1975، ثم كارثة احتلال الكويت عام 1990، وتفجيرات نيويورك عام 2001، وما تلتها من عمليات ارهابية داخل المملكة نفسها الى ان ثارت الاوضاع العربةي مع ينار 2011، وعم الاضطراب المنطقة الخليجية ودول مجلس التعاون.. والاسلام السياسي. سمحت المملكة العربية السعودية للاخوان المسلمين منذ عام 1954 بالدخول من مصر ثم سورية وربما العراق والاردن.
وبهذا غزا الاسلام السياسي الحزبي الوسط السلفي التقليدي هناك وصار ينمو بسرعة ويسحب البساط من تحت أرجل علمائها واتباعها من السلفيين حيث تأثروا بافكار حسن البنا وسيد قطب وغيرهما. وانفجر الوضع كما هو معروف عام 1990 عندما احتل طاغية العراق الكويت، ونزلت القوات الامريكية ودول التحالف شرقي المملكة استعداداً لتحرير الكويت، فهب بعض مشاهير رجال السلف الجدد، مثل د. سفر الحوالي ود. سلمان العودة وآخرين ضد هذا القرار، وانقسم السلف والتيار الديني هناك، حيث أيد الشيخان «الجامي» و «المدخلي» قرار الدولة امام معارضة هائلة من قبل الاخوان المسلمين من داخل المملكة وخارجها، وكذلك من قبل شيوخ «السلفية الجديدة».. الذين لم يهزهم كثيراً ضياع الكويت!
ويبرز هنا سؤال ما موقفل «رابطة علماد الشريعة بدول مجلس التعاون» من الاحداث الثورية الجارية؟ وان كانت تؤيد الخروج على الحكام والثورة على الانظمة فهل هذا قرار سياسي ام فتوى شرعية؟ وهل تقر هذه الرابطة ان المصلحة السياسية تبرر تجاوز نصوص واحاديث «طاعة السلطان» في الحديث والفقه؟ وهل تأييد الخروج على الحاكم، كما تراها الرابطة، تشمل دول مجلس التعاون؟
تراجع الشيخ د. عجيل النشمي بعد يومين عن هجومه على الجاميين والدخليين وقال «ما كنت انا ولا غيري ان يوافق على البيان حول ما سمى بالجامية لوك ان فيه اساءة لشخص الشيخين لفاضلين الشيخ محمد الجامي والشيخ ربيع بن هادي المدخلي، وماعهد عن الشيخين السب والقذف حاشاهما، والبيان وجه إلى من انتسب اليهما وبالغ.. ثم ان الانتساب الى الشيخين ليس عيباً حتى يتنصل منه اهل الفضل» (الوطن 13/2/3).
اعتبر سلفيو الكويت نقد د. النشمي للجامية والمدخلية تهجماً على السلفية عموماً، وبخاصة التيار السلفي المتخوف من امتداد الثورة والعنف والعصيان الى المنطقة الخليجية وظهرت درود أفعال مطبوعة والكترونية دفاعاً عن الجامية ومناصريها. وكتب السلفي سالم بن سعد الطويل في الوطن يطلب من د. عجيل النشمي جواباً صريحاً .
«ذكرت في بيانك ان السلفيين يقفون ضد كل ماتراه الجماعات حقاً وواجباً شرعياً، فالتغييرات في العالم الاسلامي كلها باطلة عندهم لانها خروج على الحاكم.. والسؤال: ما حكم الربيع الخليجي من أجل التغيير في الكويت والسعودية والامارات الذي يدعو له صراحة بعض طلابك وزملائك من دكاترة كلية الشريعة في جامعة الكويت مع العلم أنه ليس في دول الخليج لا ابن علي ولا القذافي ولا بشار الأسد» (2033/2/4).
هل سيجيب د. النشمي عن الاسئلة السابقة.. وسؤال السلف.. بصراحة !
خليل علي حيدر
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق