خضير العنزي: تعديلات دستورية.. أم انقلاب؟


التعديلات الدستورية التي طرحها النائب فيصل اليحيى هي بمنزلة انقلاب على النظام الدستوري الحالي وعلى شكل الدولة وطبيعة نظامها السياسي الذي يجمع بين الرئاسي – البرلماني إلى برلماني بالكامل.

لا نشك في مقاصد النائب اليحيى النبيلة في محاولة مشكورة منه لتجاوز العثرات التي اعترضت مسيرتنا النيابية، وفي تعثر العلاقة المستمر والمتواصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. فمن حقه، وهو الذي يمثل الامة، ان يقدم تصوراته لتجاوز هذه العثرات التي تعترض مسيرة البلاد السياسية. ولا حاجة هنا الى اتهامه بالتخوين او التشكيك في نواياه. فالدستور ليس قرآنا، وهو بمواده قد حدد اجراءات تنقيح مواده، والطريقة التي يجب ان تتبع في تقديم هذه المقترحات، فضلا عن انه حق من حقوق نائب الامة متى ما استحصل على العدد المطلوب في تقديم مقترحات تنقيح بعض مواد الدستور قدمها. وطالما ان النائب قد اعلنها بوسائل الاعلام فمن حقنا كمتابعين ومؤسسات المجتمع المدني وقوى المجتمع الحية التعبير عن وجهة نظرنا في هذه التعديلات، وفي النهاية الحكم بين الجميع الدستور نفسه. نحن كشعب لا يحق لنا الا التعبير عن وجهة نظرنا والفصل في النهاية لنواب الامة بعد ان استمعوا لوجهات النظر المختلفة وسمو الأمير فقط. فدستورنا تعاقدي بين الامة والتي يمثلها النواب وبين سمو الأمير، ومتى ما توافر هذا الشرط اصبح التنقيح لمواد الدستور واقعاً.

ولكن بالتفصيل فإننا نعتقد ان ما قدمه النائب فيصل اليحيى هو بمنزلة انقلاب على الدستور الحالي وايجاد دستور جديد يأخذ بالنظام البرلماني كاملاً وهذا تعترضه مجموعة من المعوقات المهمة التي يجب تجاوزها قبل التفكير في تقديم مثل هذه التعديلات. انها تعديلات تمهد للحكومة البرلمانية التي تشكل من الأغلبية. وحكومة الاغلبية تحتاج الى ان نبدأ بتشكيل الاحزاب وتغيير النظام الانتخابي وتجاوز معوقات التعصب الفئوي والقبلي والطائفي، وغيرها من المعوقات التي يسهب الحديث بشأنها في حال تغيير النظام الدستوري الى النظام البرلماني بالكامل. فلا تزال امام الاختلاف والتناحر الى حد الاقصاء والإلغاء وأمام ثقافة التخلف والتعصب المسيطرة على توجيهنا، تظل الاسرة الحاكمة طرفاً محايداً يستطيع الكويتيون ان يضمنوا بعد الله سبحانه استقرارهم وامن ابنائهم. نعم نحتاج الى تنقيح بعض المواد في الدستور الذي لم يحدد ان يكون رئيس الوزراء بالضرورة من الاسرة الحاكمة، فتلك رسختها الاعراف لا الدستور الذي لا يمنع ان يكلف سمو الأمير رئيس وزراء من الشعب، وان كانت ايضا هذه الفكرة لا نؤيدها في هذه المرحلة، وذلك لاعتبارات رفضنا للنظام البرلماني الكامل نفسه. إلا ان ما طرحه النائب اليحيى جدير بالبحث، وان نبدأ حواراً حوله يتجاوز كثيرا من العقبات في مسيرتنا السياسية المتعثرة بفعل ايدينا. والله المستعان.

خضير العنزي

aldomatha@hotmail.com
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.