• مؤسسات المجتمع المدني في غياب، وفي الوقت نفسه تسجل الكويت الرقم 77 من بين 179 في مؤشر حرية الصحافة.. فأين نحن؟
تأتي المطالبة الحكومية لتغليظ العقوبات في قانون المرئي والمسموع إبان المناقشات الأخيرة للجنة التعليمية في مجلس الأمة كتوطئة لما هو قادم، وتأكيداً لذلك قررت لاحقاً سحب هذه النسخة. أما القادم فهو مشروع قانون الإعلام الموحّد الذي بشر به معالي الوزير في إحدى محاضراته، ثم أدرج تالياً ضمن أولويات مجلس الأمة، وتم تحديد موعد لمناقشته تحت قبة عبدالله السالم. ومن المؤكد أن موقف الوزارة ليس مفاجئاً في ظل رقابتها المتشددة وملاحقاتها للإعلاميين والوسائط الإعلامية غير المتناغمة مع السياسات الجارية، بل إن الصياغات الفضفاضة والعقوبات المغلّظة للقوانين والقرارات التي تصدر عنها تبدو كتوجه متفق عليه ضمن تنسيق أمني بمفهومه الواسع تشترك فيه مع غيرها من الأجهزة الحكومية، كل فيما يخصه.
من المؤكد أيضاً أن مجلس الأمة لا يشكل هاجساً لدى الحكومة، كما أنه لا يمثل أي عقبة من أي نوع أمام تمرير مثل هذا القانون، فالنواب اغلبهم مشتتون بين من لا تعنيهم المسألة ولا يدركون أبعادها ولا يتحسسون خطورتها، ومن هم منغمسون في التوجّه الحكومي الى قمة رأسهم عن قناعة أو وفاء لدين، وإما أنهم مناوئون مهادنون لا تعنيهم الحريات العامة، ومنها حرية التعبير، إلا بقدر كونها ربما وسيلة تخدم أغراضاً آنية وليست غاية في حد ذاتها تعلي قيماً إنسانية معتبرة.
وبينما يسجَّل غياب واضح لمؤسسات المجتمع المدني حتى تلك ذات الصلة اللصيقة بهذه القضية، تعلن منظمة «مراسلون بلا حدود» أن الكويت تحتل المركز السابع والسبعين في مؤشر حرية الصحافة بين مائة وتسعة وسبعين دولة في العالم، لتصبح بذلك في المركز الأول خليجياً وإقليمياً والمركز الثالث عربياً.
.. تأملوا أيها السادة في أي محيط بائس نعيش.
عبدالحميد علي عبدالمنعم
aa2monem@gmail.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق