لم يكن (فبراير) شهرا عاديا في تاريخ الكويت لأن المناسبات الوطنية التي تقام فيه تشكل علامة فارقة في البلاد يجب الوقوف عندها في كل عام والتذكير بأحداثها ودور الرعيل الاول وتضحياته من اجل استقلال الوطن وبنائه فهو تاريخ مشرف لا ينسى رسمه الاباء والاجداد ويواصل مسيرته الأبناء جيلا بعد جيل.
ومرت الاحتفالات بالاعياد الوطنية في مراحل عدة لكل مرحلة خصوصيتها وجمالها كما شهدت العديد من التغييرات عبر التاريخ مجسدة ذكريات واياما جميلة محفورة في الوجدان بدءا من من ستينيات القرن الماضي حتى وقتنا الحالي.
وقال أحد المعاصرين لتلك الاحتفالات في فترة الستينات راشد الشريدة لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان الاحتفالات بدأت في منطقة الشامية ومن ثم انتقلت الى المطار القديم في منطقة النزهة الى ان اتجهت الى شارع الخليج حيث كانت تقام العروض العسكرية على امتداد الطرق والممرات وكانت الفرق الشعبية تستقبل العيد بالرقصات المتنوعة والاعلام والرقص بالسيوف.
ويرجع الشريدة بذاكرته الى الوراء قائلا ان الاحتفالات “كانت في السابق بسيطة وكان عدد الكويتيين قليلا في تلك الفترة وكانوا يعرفون بعضهم” مشيرا الى انه كان للاطفال نصيب في هذه الاحتفالات التي كانوا ينتظرونها بفارغ الصبر ليرددوا الاناشيد الوطنية حاملين اعلام الكويت.
واضاف ان الاطفال كانوا يعبرون عن فرحتهم بالاعياد الوطنية بعدة طرق منها “ركوب العربانات التي تجرها الاحصنة وكانوا يرتدون ازياء تحمل علم الكويت بينما يرتدي كبار السن الزي الشعبي وعندما يمر المسؤولون الكبار تتم معايدتهم من الجميع”.
وفي وصفه للعروض الموسيقية الشعبية التي كانت تتخذ من الساحات الترابية مسرحا لها قال الشريدة “كنا نرى فرق العرضة والسامري تقدم عروضها الجميلة كما كنا نردد مع اهل البحر اناشيد الغوص والبحر ليعم الفرح والسرور في نفوس اهل الكويت”.
واضاف “كنا انا واصدقائي نتوجه الى شارع السور الذي كان يتجمهر فيه الجميع لمشاهدة العروض العسكرية والطائرات الحربية حيث كانت تنصب الخيام للاستقبال وتجتمع الأسرة الحاكمة والمواطنون هناك لحضور العرض العسكري إضافة الى بعض العروض الفنية الشعبية كرقصة العرضة وغيرها وعادة ما كنا نستمع الى بعض الاصوات المميزة كصوت شادي الخليج وسناء الخراز في ذلك الوقت”.
ومع بداية النهضة الحديثة وتغير الظروف والاحداث اختلفت مظاهر تعبير الكويتيين عن فرحة الاعياد الوطنية مع بقاء الفرحة بالمقدار نفسه في قلب الشعب الكويتي. وعن ذلك التغيير قال محمد العلي احد المواطنين ان الاحتفالات بالاعياد الوطنية “انتقلت منذ التسعسينيات حتى وقتنا الحالي الى شارع الخليج العربي حيث تزين المباني والمنازل في جميع أنحاء الكويت احتفالا بهذه المناسبة الوطنية المميزة وكذلك وشوارعها”.
واشار العلي الى ان الفرحة بالاعياد الوطنية يشترك فيها المواطنون والمقيمون على حد سواء حيث يخرجون الى شارع الخليج معبرين عن فرحتهم بارتدائهم ملابس واقنعة وقبعات ملونة بالوان علم الكويت مزينين مركباتهم بانواع مختلفة من الزينة والاعلام وصور حكام الكويت لتشكل مسيرات ضخمة أشبه بلوحات فنية.
واشار الى ان مشاركة مؤسسات الدولة المختلفة والقطاع الخاص في هذه الاحتفالات الوطنية تتم باسلوب جميل وابتكار متجدد من خلال دعمها لمهرجان (هلا فبراير) احدى الفعاليات السنوية التي تقام احتفالا بالعيد الوطني ويتم خلاله تقديم الجوائز والكوبونات واقامة الكرنفالات والاحتفالات والأنشطة في جميع مناطق الكويت.
وشهد شارع سالم المبارك في منطقة السالمية انطلاقة المهرجان الاول في عام 1999 خلال الفترة من 3 فبراير حتى 24 منه ويعود اختيار اسم (هلا فبراير) وشهر فبراير تحديدا للاحتفال بالمهرجان إلى وقوع عيدي الاستقلال والتحرير في هذا الشهر واللذين يصادفان في 25 و26 فبراير وبذلك يكون المهرجان مكملا للأفراح والبهجة بالأعياد الوطنية.
ولوزارة التربية دور كبير في دعم اواصر الوحدة الوطنية والتلاحم وتعزيز روح الانتماء والولاء للوطن حيث تقوم بتقديم (الاوبريتات) التي تقدمها مجموعات من طلاب وطالبات المراحل الدراسية المختلفة في المدارس يجسدون فيها اسمى معاني حب الوطن من خلال الاداء الرائع وبث الاغاني الوطنية التي لها وقع مختلف وجميل في نفوس وقلوب المواطنين.
قم بكتابة اول تعليق