تصريحات وزير المالية مصطفى الشمالي، حول إلغاء الدعم عن السلع وفرض ضريبة على الشركات والأفراد من ذوي الدخول العالية، تشبه إلى حد كبير تصريحات ما يسمى بالأغلبية البرلمانية عن الحكومة المنتخبة.. فكلاهما لا يريد إصلاحا، ويريدان إبقاء الوضع المتردي على ما هو عليه، فهما يعلمان قبل غيرهما أن ما يقولانه إذا نفذ فلن نرى الشمالي مرة أخرى، ولا تلك الأغلبية.
تصريحات الشمالي، كما شعارات الأغلبية البرلمانية، الهدف منها المماحكة والضغط وابتزاز المواقف ليس إلا، حتى تظل معادلة «لا يموت الذيب ولا تفنى الغنم» قائمة، رغم أنها أدت بنا طوال السنوات الماضية إلى الشلل والجمود، وحولت بلدا مثل الكويت، تميز طوال العقود الماضية بالانفتاح والتطور، إلى التزمت ورفض الأفكار، تحت شعارات بائسة.
تصريحات الشمالي تعني حرفيا أن حكومات آل مبارك ستكون مجرد ذكريات من الماضي، وأن الحكومة الشعبية أصبحت قاب قوسين أو أدنى، وأن الصفقة التاريخية بين الشعب الكويتي والأسرة الحاكمة «لكم الحكومة ولنا توزيع الثروة» قد انتهت إلى غير رجعة، وهو أمر كنا نسعى له نحن الديمقراطيين منذ وقت طويل حتى نصل إلى الديمقراطية الكاملة، لكننا نواجه في كل مرة بمرتزقة توزيع الثروة ومعادلة «لا يموت الذيب».
ما يطرحه وزير المالية مصطفى الشمالي، هو حلم كل القائمين على المشروع الديمقراطي في الكويت، فالديمقراطية تقتضي أن يكون هناك قطاع خاص ضخم يعمل على إيجاد توازن على الساحة بين الأطراف الناشطة، سياسيا واقتصاديا، ومن بينها الحكومة التي لاتزال تحتكر كل وسائل الإنتاج، بهدف إبقاء المواطن، أي مواطن، تحت رحمة الباب الأول في الميزانية العامة للدولة والباب الرابع، وتضمن بذلك ألا يتنفس الجميع إلا عندما يشيدون بمواقفها.
الديمقراطية تتطلب أن تكون هناك ضريبة على المداخيل، سواء أكانت مداخيل الأفراد أم المؤسسات أم الشركات، من أجل بناء مجتمع صحي يعتمد على نفسه، بدلا من أن يعتمد على الآخرين في قضاء حوائجه، فنحن ربما نكون الشعب الوحيد في العالم الذي يخدم الفرد فيه خمسة أشخاص، ومن يرى التركيبة السكانية والتفاوت الكبير بين عدد المواطنين والوافدين يعرف تلك الحقيقة الصعبة.
مصطفى الشمالي «تركة» من عصر التخلف والتردي، ويكفي من ينظر في وجهه أنه لا يمكن أن يطرح مشروعا طليعيا بمثل هذا الحجم، وأنصح المنزعجين أن يتحدوه بأن ينفذ ما جاء في تصريحاته وبأسرع وقت ممكن، وسيعرفون حينها أن كل تلك التصريحات فقط للمماحكة وممارسة الضغوط على أغلبية أكثر بؤسا وتخلفا من الحكومة نفسها، وان الإصلاح بعيد عن «شارب» الحكومة، وسيظل كذلك.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق