سامي النصف: الأشهر الحرم

العزاء الحار لأسرة الشاب مبارك مشعل الذي ذهب لملاقاة ربه شاكيا مظلمته من أقرب المقربين إليه، ان مظلمة المغدور لا تبرر ظلما آخر يحاول البعض «المسيس» من خلاله تعميم اللوم والخطأ، متناسيا ان المسؤولية عن اي جريمة «فردية» يحاسب عليها، دون تحيز، من قام بها من قبل القضاء العادل في الإمارات أو الكويت ودون ان يمتد الذنب الى الآخرين.

***

نفس البعض «المسيس» حاول ان يعطي ما سمي بـ «الحراك الشبابي» قدسية ما بعدها قدسية، فما يقوله «بعض» الشباب يجب ان يبجل ويعمل به في التو واللحظة دون تفكير او روية حيث لا يأتيه الباطل من أمامه أو خلفه، بينما تظهر الحقائق الواضحة والجلية ان الجرائم المؤسفة والشنيعة في الشارقة والأفنيوز والقادسية وحروب الشوارع، بل وحتى عملية تخريب حديقة اليرموك الجميلة مساء أمس الأول جميعها من أعمال الشباب الذي يجب ان نقر بأنه غير منزه أو معصوم من الخطأ وان في مطالبه ما يؤخذ ويرد وخاصة عمليات النزول للشوارع ومطالبات الحكومة الشعبية والأحزاب… الخ.

***

زرنا ذات مرة وبمعية وزير إعلام كويتي أسبق أحد حكام الخليج وعتبنا ضمن اللقاء على تحيز بعض وسائل إعلامه ضد بلدنا إبان حربنا الشرسة ضد فيالق صدام الإعلامية، وكانت اجابته: وماذا عن وقوف بعض وسائل إعلامكم ضدنا كلما اختلفنا مع دولة خليجية أو عربية؟! لذا نشد على يد وزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان الحمود في تصريحه بأن الكويت تقف على مسافة واحدة من جميع مرشحي مجلس التعاون الخليجي لرئاسة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، وللكويت بعد ذلك كحال الدول الأخرى ان تصوت في السر لمن تراه الأصلح والأنسب.

***

لماذا لا يؤخذ بمقترح عقد جلسات مجلس الأمة ليلا وليس في فترة الصباح او بعد الظهر؟ أمر كهذا سيدعم عمليات التنمية حيث سيتفرغ الوزراء لأعمال وزاراتهم طوال الأسبوع، فمجموع ما يمضيه الوزير في مكتبه طوال الشهر لا يزيد عن ايام قليلة رغم انه يحاسب على اعمال وزارته وكأنه متواجد بها كل ساعة وكل دقيقة من النهار، أمر كهذا معمول به للعلم في كثير من الديموقراطيات العربية والأجنبية الأخرى وعلى رأسها الشقيقة مصر التي أحضرنا منها دستورنا حتى ان المحررة البرلمانية المصرية سوسن الجيار أصدرت كتابا أسمته «استجوابات نص الليل».

***

آخر محطة: (1) في ركن مظلم من العقل العربي الذي نحن مكون أصيل منه، وجزء فاعل وقاتل مختص بحب وعشق النزاع والصراع الدائم، ان ناقة صماء اسمها «البسوس» وفرسين أبكمين اسمهما «داحس» و«الغبراء» تسببت في حروب استمرت لعقود وكادت ان تفني العرب، لذا اتفقوا منذ الجاهلية ـ وأقرهم الإسلام على ذلك ـ على شهور سميت بـ «الأشهر الحرم» يمنع فيها القتال والسجال وحتى الترحال كي يتفرغوا للعبادة وتبادل المنافع التجارية والحياتية.

(2) وعليه.. لماذا لا يخلق عرف او تشريع ضمن الحياة السياسية الكويتية مستمد من التراث العربي والإسلامي يتفق خلاله على عدة أشهر تبدأ مع انتهاء عمليات القسم الدستوري يمنع ويحرم فيها التباين بين الحكومة والمجلس وحتى نزاع النواب والنواب كي يتفرغ الجميع لأعمالهم لخدمة البلد حيث مل الناس الاختلاف والتأزيم وان كانوا هم ودون أن يعلموا.. جزءا أصيلا منه!

samialnesf1@hotmail.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.