محمد المقاطع: العراق أمس لا يختلف عن اليوم

يخطئ من يعتقد أن العراق اليوم قد اختلف عن العراق أمس، صحيح أنه قد سقط نظام صدام الطاغية وولى هو وحزبه، وصحيح أنه كان للاميركان دور في رسم صورة العراق الجديد، وصحيح أن تحرير الكويت بتدخل من المجتمع الدولي عزز قوة الكويت وحدودها مع العراق.

لكن ما لم يتغير، وهو الأهم، هي نظرة الطمع والافتراء وعدم احترام حقوق الجيرة لدى العراق وبعض قياداته، وفكرهم التآمري على الكويت كدولة لها سيادتها الكاملة وحقوقها للتصرف بكل شؤونها.

وقد كشف بناء الكويت لميناء مبارك حجم الصلف العراقي وعقليته العبثية، فها هي تصريحات بعض مسؤوليه تتوالى بالتهديد والوعيد ان قامت الكويت ببناء ميناء مبارك، بل حتى زيارة رئيس وزرائه للكويت قبل بضعة أسابيع لم تعط موقفا صريحا قاطعا بشأن وقف كل مظاهر الاستفزاز والتصريحات التهديدية، لكنه وبكل أسف أخذ كل ما يريد ولم يعط للكويت شيئا، ونحن في الكويت صامتون عن تصريحاتهم ونسمع تطمينات نمطية من وزارة الخارجية دون اتخاذ اجراءات وخطوات عملية على كل المستويات.

وقد شهد يوم 2013/2/27 أسوأ حالة يبلغها العراق بتصريحات مسؤوليه، ومن على أرض الكويت فقد تم – وبكل أسف – الاحتفال بهبوط أول طائرة للخطوط الجوية العراقية بعد انقطاع دام 23 عاما، وبمجرد هبوطها في الكويت صرح وزير النقل العراقي أن بناء ميناء مبارك يشكل ضررا لمصالح العراق، لذا فلا يمكن السكوت عنه لأنه مضر بمصالح العراق وسيمنعها من أن تكون لديها موانئها على هذه الناحية من الخليج. على الرغم من أننا قبل شهرين فقط قمنا بتوقيع اتفاق تسوية ديون الكويت على الخطوط الجوية العراقية، وهو ما يعني أن هذا الوزير وأمثاله لا يقدرون ما تقدمه الكويت لهم في كل الأحوال.

ولا شك أن هذا التصريح لوزير النقل العراقي يحمل في ثناياه حالة من عدم الاستقرار في العلاقة مع العراق، وكذلك بشأن التوتر الدائم الذي يقوم به في مواجهة الكويت، فاذا ما اضفنا الى ذلك اعتبارا آخر وهو النفس الطائفي للنظام العراقي في تعامله مع دول الخليج والكويت، واصطفافه الصارخ مع الجانب الايراني في التهديدات التي توجهها للكويت والخليج، فان ذلك يعني ضرورة أن نتوخى أقصى درجات الحيطة والحذر مع العراق الذي لم يتغير اليوم عما كان عليه في الأمس، وما يمثله من أخطار تهدد بلدنا بصورة مستمرة. فعلى الرغم من كل المعروف الذي نقوم به للعراق فان قياداته وشخصياته المهيمنة على الحياة العامة تجحد هذا المعروف وتعمل بنفس استفزازي وتآمري بكل أسف.

اللهم اني بلغت،

أ. د. محمد عبدالمحسن المقاطع

dralmoqatei@almoqatei.net
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.