يأتي اعلان رئيس الوزراء عن الخطة التنموية المليارية الطموحة والتي تسيّل لعاب اضخم كرش في البلد، هذا اذا وضعت على ارض الواقع.. اقول يأتي اعلان رئيس الوزراء المفرح والمبشر من الصين هذه المرة لا من الكويت، فيما تنبري علامات ومواقف متقاطعة وغير سارة وغير مفرحة مع خطة التنمية..!!
قال رئيس الوزراء يوما (وكان صادقا) اننا تأخرنا كثيرا، وهذا القول صحيح %100 بل %200 ولكن كان عليه ان يكمل الجملة ويضع النقط على الحروف ويكشف الاسباب والدواعي التي حالت دون اتمام خطط التنمية في الدولة.
المواطن ليس امامه الا الحكومة، باعتبارها (الحكومة) مهيمنة على سياسة الدولة وتتولى التنفيذ وبالتالي فان نجحت الدولة كان للحكومة فضل النجاح وان تعثرت ايضا تتحمل الحكومة وزر التعثر، فالحكومة هي المسؤولة المباشرة والمعنية بفشل ونجاح الدولة والتنمية ورفاهية المجتمع.
الخطة التنموية والمرصود لها (125) مليار دولار والمفترض تنفيذها في السنوات الخمس المقبلة حسبما اعلن عنها رئيس الوزراء بحسب رسالته للقيادة الصينية ليست الخطة التنموية الاولى التي بشرتنا بها الحكومة، ففي السنوات والعقود الماضية سمعنا عن الكثير من الخطط والبرامج التنموية وفي الغالب كانت مليارية ايضا ولكن ما كان ينفذ من الخطة اقل مما كان معلنا.. وما كان يتعثر اكثر من حجم الخطة وكانت اموال الخطة تتبخر واوراقها تتبعثر مع الرياح، ولا من شاف ولا من درى..؟!!
فما هو الجديد هذه المرة؟
وهل حكومة جابر المبارك الحالية مؤهلة لإدارة خطة تنموية طموحة او هل الادارة الحكومية بأجهزتها التنفيذية والتخطيطية مؤهلة لادارة وتنفيذ خطة تنموية مليارية ضخمة وطموحة..؟!!
سؤال نضعه امام رئيس الوزراء لأنه هو المسؤول الاول المعني عن الاجابة على هذا السؤال ولكن دعونا نراجع منجزات الحكومة الحالية في خلال الشهرين الماضيين منذ اعلان تشكيلها.
1- وزير الاشغال عبدالعزيز الابراهيم ما ان تسلم حقيبة الاشغال حتى امر بوقف تنفيذ مشروع طريق حيوي كان الوزير السابق فاضل صفر قد باشر في تنفيذه. ولما قيل للوزير لقد صُبّت القواعد قال لهم طُموها.. طبعا الشركة المنفذة توقفت عن التنفيذ وعدّاد غرامة التأخير اخذ في الدوران لصالح المقاول على وزارة الاشغال.
2- مشروعا جسر جابر ومحطة الزور للطاقة الكهربائية اللذين تمت ترسيتهما على وكيل حصري واحد الآن يخضعان للتحقيق البرلماني وللتجاذبات السياسية والتشكيك في المناقصة.
3- في اليوم الاخير من الاسبوع الماضي اعلن مسؤول قيادي في وزارة الاشغال عن مشروع لبناء المطار الجديد بتكلفة اولية تقدر بنحو الـ(900) مليون دينار اي يقترب من نحو الـ3 مليارات دولار امريكي، وفي اليوم التالي من ذلك الاعلان للمسؤول في الاشغال صدر نفي وان التصريح تعوزه الدقة..؟؟
4- وزير النفط الذي يشرف على اكبر قطاع حيوي في الدولة والذي مصيرنا كلنا رهن ادارته للنفط الآن هو خاضع تحت تهديد الاستجواب، وهو على كل حال استجواب مستحق بعد فضيحة التعيينات غير المستحقة في الإدارة والشركات النفطية..!!
5- وزير المواصلات ووزير الاسكان هو الآخر موعود باستجواب برلماني مؤجل وعليه وعلى وزارته ملاحظات ومخالفات كثيرة، ويعلم هو لا غير بالسر المدفون..!!
6- وزير الدولة ووزير البلدية كسر القانون عندما اجاز للاهالي بنصب الخيام خارج المنازل دون الرجوع للمجلس البلدي.
7- وزير التربية ووزير التعليم العالي الذي رفضت جامعة الكويت ممارسته التدريس فيها يوضع على قمة الهرم التعليمي وهو الذي لا يملك اي خبرة سابقة في التعليم والتدريس سواء في التعليم العام او التعليم الجامعي ويكلف بتطوير المناهج التعليمية وتطوير الخطط التعليمية..
8- وزيرة الشؤون الاجتماعية كما اشيع حولت ادارة مكتبها الى ادارة عائلية من الاشقاء والاقرباء.
9- وزير الصحة طار الى لندن هو وعائلته في طائرة خاصة بينما استقل اعضاء الوفد المرافق له طائرة اخرى(!!) هذا ناهيك عن الترقيات التي شملت بعض ابناء قبيلته العاملين في وزارة الصحة، ولا ندري هل كانت الترقيات وفقا للاستحقاقات القانونية ام وفقا للاستحقاقات العشائرية.. ؟!!
10- وزير الاعلام بعد (50) سنة من البث التلفزيوني و(60) سنة من البث الاذاعي لا يطمئن الى الخبرات الاعلامية الكويتية ويأتي بخبراء ومستشارين اعلاميين من لبنان ومصر وتونس بشروط مغرية ورواتب مجزية.
هذا غيض من فيض وهذه حكومة جابر المبارك التي تعول عليها خطة التنمية المليارية في خلال السنوات الخمس القادمة، فهل هذه الحكومة المهلهلة وغير المؤهلة تستطيع ان تنجح بتنفيذ الخطة، ولا نقول بكامل الخطة، أقلها ثلاثة ارباعها او نصفها في احسن الاحوال..؟!!
جابر المبارك لن يكون محمد بن راشد وحكومته لن تكون حكومة دبي هذا مؤكد لأن دبي غير.
هناك لا مكان للخطأ ولا مكان للتجاوز ولا مكان للتهاون ولا مكان للتلاعب ولا مكان للتنفيع الشخصي.
ربما للشيخ جابر طموح لتحقيق نقلة في البلد ولكن هذه النقلة الطموحة تحتاج الى فريق وزاري مؤهل ومتضامن والى جهاز حكومي غير مترهل او كسول والى قيادات ادارية يوضع كل في مكانه المناسب بحسب مؤهلاته وخبراته وقدراته، لا وفقا لحجم الواسطة ووفقا لقربه او لرضا المسؤولين عليه او هذا ولدنا وهذا ابن عبدة وهذا ابن حرة..!!
يا سمو الرئيس لقد قال الله تعالى {لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} ومعنى هذا اننا نحتاج الى نسف السياسة الراهنة التي تقوم على المجاملة والمحاصصة والترضية هذا اولا وثانيا لابد من تطبيق مبدأ الثواب والعقاب وثالثا اذا انت جاد بتنفيذ الخطة الخمسية الطموحة غيّر من الآن (عتبة) حكومتك، ورابعا افصل الخطة التنموية عن الاشراف الحكومي المباشر، وانشئ هيئة مستقلة للتنمية تفاديا للروتين وتسهيلا للعمل وكسبا للوقت.
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق