يتفق جميعنا أن مجتمعنا اليوم يعيش أزمة أخلاقية حقيقية في جميع مناحي الحياة. فكثيرة تلك القيم والعادات والتقاليد التي تربينا واعتدنا عليها اختفت وتلاشت وبات الحديث عنها من ذكريات الماضي الأليم كما أن إعادة تأصيل هذه القيم في ظل هكذا ظروف أصبح حلما صعب المنال.
المشكلة اليوم أن هذه الأزمة بدأت تدريجيا تنتقل إلى الجيل الجديد بسرعة الريح. حدثني أحد الأصدقاء العائد للتو من رحلة الدراسة والتي أكمل من خلالها دراسته العليا ليصبح دكتور ( أد الدنيا ) كما يقول أخوننا المصريين عن معاناة ابنته بعدما تلقت جزءا من تعليمها في المدارس الأجنبية وكيف أن طريقة تعامل الأفراد من حولها اختلفت تماما بعدما تأسست على قيم وعادات تقوم على مبدأ الاحترام والتقدير وعدم ازدراء الآخرين لتعيش في معاناة نفسية اختلطت من خلالها مفاهيم أضحى من الصعب تقبلها.
يقول انها وبعد أيام من التحاقها في إحدى المدارس المحلية، بدأت تدريجيا تهتم بمظهرها وتشترط ألا تلبس إلا من أشهر الماركات العالمية وكل ذلك سببه بسيط وهو أن أول سؤال تتلقاه من زملائها صباحا هو ( شنو ماركت ملابسش؟ ). لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فكثيرا ما تشكو ابنته من أن زملاءها لا يحترمون الدور ويحاولون تجاوزها كما أن كلمة ( حمار وكلب ) وغيرها من الأوصاف لا تفارق ألسنتهم، وفي كل مرة تشكي حالها لوالدها تذكره بموقف حصل لها في مدرستها الأجنبية عندما كانت تدرس بالخارج عندما عوقب أحد زملائها بالقيام بمزيد من الواجبات المنزلية عندما أخذ وجبة الغداء وتخطى دورها.
وبعيدا عن المدرسة، يقول في احدى المرات التي كنت في طريقي لإيصالها إلى مدرستها، نزل شخصان كل من سيارته وأوقفا السير بسبب خلافهما أمام مواقف سيارات المدرسة، فتساءلت ابنته لماذا لا نجد مثل هذه التصرفات في الخارج؟ وأضافت نحن مسلمون والمفروض أن نكون أفضل من غيرنا. وفي اليوم نفسه يقول انه ذهب بها إلى السينما وعندما حان وقت الصلاة، ذهب هو إلى المسجد وأمر ابنته بالذهاب هي الأخرى للصلاة وعندما إنتهى من صلاته وجد ابنته تجهش بالبكاء فسألها عن سبب بكائها، فقالت أن هناك بنتا نهرتها لأنها صلت المغرب أربع ركعات بدلا من ثلاثة وبدلا من أن تنصح طفلة لم يتجاوز عمرها سبع سنوات، صرخت عليها فما كان لهذه الطفلة من أن تنفس عن حالها إلا عن طريق البكاء.
المشكلة اليوم تتحملها كل من الأسرة والمدرسة، فلا مدارسنا اليوم قادره على تربية الأبناء على المفاهيم والقيم الإسلامية الأصيلة وبات كل همها تلقين الطلاب المعلومات العلمية البحتة ولا بعض الأسر تهتم بتربية أبنائها التربية الصالحة السليمة فضاعت معها أساسيات وعادات لن تعود إلا إذا غيرنا ما بأنفسنا، فالعيب فينا لا بزماننا كما قال الشافعي!
boadeeb@yahoo.com
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق