ناصر العبدلي: من هو الحر

حتى الآن هناك «لبس» كبير، كما يبدو لي، عند بعض المواطنين في فهم الديمقراطية بشكل عام وحرية الرأي بشكل خاص، فهناك من بينهم من يعتقد أن الديمقراطية هي تلك التي توفر للفرد كل احتياجاته وحقوقه كمواطن ولا ترتب عليه أية واجبات تجاه وطنه، وهناك أيضا من بينهم من يعتقد أن حرية الرأي هي تلك التي تسمح له بشتم الآخرين دون استثناء، سواء أكان مسؤولا حكوميا أو مواطنا على ألا يترتب على ذلك أية التزامات قانونية أو أخلاقية.
هناك على الطرف الآخر من يفهم الديمقراطية وحرية الرأي، لكنه يستخدمها في تصفية حساباته مع خصوم له، فمثلا إذا كنت أحد لصوص المال العام و«هبشت» في غفلة من الزمن خمسة مليارات دولار فالفرصة سانحة لك هذه الأيام أن تتهم بشكل مباشر، أو من خلال أدواتك، مسؤولا حكوميا أو نوابا سابقين في البرلمان بالتجاوز على المال العام أو بالسكوت عن تجاوزات على المال العام حتى تبرر للآخرين ما فعلته عندما كنت مسؤولا حكوميا أو كنت قريبا من أحد المسؤولين.
تحالف «الملتبس» و«الفاهم» له «أجندة» يحاول أن يفرضها على بقية المواطنين وقد غلفها بشعار يوحي بالحرص على الديمقراطية والدستور وحرية الرأي، لكنه في حقيقة الأمر يعمل على تصفيتها ببطء، وقد وجدوا في بعض البسطاء ممن يهرولون خلف سراب ذلك التحالف مدخلا لتسويق تلك المحاولة لكنهم أخفقوا رغم ضخامة الإمكانيات المتوفرة لهم من قنوات تلفزيونية وصحف ورقية وإلكترونية وأموال تكاد تصل إلى ملايين الدنانير توزع في كل اتجاه إلا في اتجاه الحاجة الحقيقية للمواطن البسيط.
ربما سيحاولون الكرة مرة أخرى، فالملتبس سيعمل على أن «يحلب» المال العام تحت ذريعة أن الآخرين يسرقونه إذا بقي في حساب الدولة «فلنسرقه نحن» قبل أن يتبخر، وقد أقنع نفسه بهذا الكلام على أساس أنه شريك في الثروة، ومن يفهم الديمقراطية ويعي مضامينها فسيعمل على تبييض صفحته من جديد من خلال اتهام الآخرين والتشكيك بذممهم، لعل وعسى من خلال تلك الفوضى العارمة أن يحصل على صك بالوطنية وربما شهادة بأنه المحافظ الأول على المال العام.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.