يخطئ صديقك في حقك ويخون الثقة التي تجمعكما، فتكون أبسط مطالبك أن يقرّ بالخطأ ويعتذر منك كي تسامح، ومع هذا قد تحتاج المسألة إلى مدة طويلة كي تبنى جسور الثقة مجدداً فيما بينكما رغم صداقتكما الممتدة.
تلك هي طبيعة العلاقات الإنسانية في أضيق نطاق لها وبين الأصدقاء المقربين: خطأ فإقرار فاعتذار وإعادة بناء العلاقة مجددا.
“حدس” و”الشعبي” و”الأغلبية” و”اتحاد الطلبة” وآخرون شكلوا ائتلافا للمعارضة بمطالب ثلاثة واضحة هي: حكومة برلمانية منتخبة، وحل المجلس القائم والدعوة إلى انتخابات بنظام الدوائر الخمس وأربعة أصوات، والمطلب الثالث المتمثل بـ”إطلاق الحريات العامة ورفض التضييق عليها”.
شخصيا أنا سعيد، بعيداً عن قناعة ائتلاف المعارضة بما كتبوا من عدمه، لكني سعيد جدا بأن ما كنا ننادي به من إطلاق الحريات العامة ورفض التضييق عليها أصبح مطلبا مكتوباً وموثقاً من قوى كانت تصف كل من يدعو إلى إطلاق الحريات بالمنحل والتغريبي والمتعدي على ثوابت الأمة، وغيرها من “خرابيط”، فها هم اليوم ينضمون إلى مطالبنا وبيان الائتلاف ورقة ستستخدم طويلا ضد بعض المتآلفين لإدانتهم حينما يتعدون على الحريات قريبا جدا.
لكن لنفرض واهمين أن المتآلفين وتحديداً قوى الإسلام السياسي “حدس” وتوابعها من اتحاد الطلبة والسلف وغيرهم، لنفرض أنهم مقتنعون فعلا بضرورة إطلاق الحريات العامة ورفض التضييق عليها، أفلا يتعين عليهم أولا أن يقروا بالخطأ الذي تأسسوا عليه أصلا من كبت للحريات وتعدٍّ على الخصوصيات، والأمثلة عديدة لا تحصى بمقال واحد، ولنا في مجلس فبراير المثال الأقرب، حشمة ومنع معرض فني، وملتقى، وإلغاء حفلات وغيرها من انتهاكات للحرية والدستور.
وبعد الإقرار لا بد من اعتذار على كل تعدياتهم وانتهاكاتهم لحريات الكويت حتى تحولت بجهودهم مع الحكومات إلى “تابوت” كبير لا متسع فيه للفرح أبدا.
المسألة ليست مجرد كلمات تملأ الأوراق، بل هي أبعد من ذلك بكثير، فلماذا يطلب منا أن نصدقهم وأفعالهم تكذب ما يكتبون، فنحن لسنا بمغفلين وإن رغب البعض بأن يستغفل بإرادته، فهذا شأنه ولكن بالتأكيد لن يكون هذا موقفي، ولن أقبل بأن أقرأ بعض السطور فأقتنع رغم مشاهدتي لأفعالهم المنافية للدستور والحرية في كل يوم.
إقرار فاعتذار ومن ثم مدة زمنية لإعادة بناء جسور الثقة تلك هي أساسيات العلاقات الإنسانية في أضيق نطاق وبين الأصدقاء، ورغم أني لا أعتبر قوى الإسلام السياسي أصدقاء لكن يجمعنا وطن واحد، فلا بد أن يلتزموا بهذه الأساسيات كحد أدنى، ومن ثم من الممكن القبول بما خطته أيديهم في بيان ائتلاف المعارضة.
ضمن نطاق التغطية:
أسطوانة “مو وقته” وتوحيد الجهود ضد فساد الحكومات لا تجدي نفعاً، ولن تصلح الحال أبداً، فتجاوز وفساد وتعديات المعارضة بحجة محاربة فاسد آخر لن تنتج شيئاً إن نجحت إلا استبدال ظلم بظلم آخر قد يكون أخطر وذا مناعة أكبر، ولنا في مصر درس.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق