هناك من يرى أن ائتلاف المعارضة ليس سوى تجمع لأبناء القبائل الساخطين على الحكومة، اعتقادا منهم أن هناك مؤامرة حكومية ضدهم، وهناك داخلها من يستهدفهم، من خلال فتح ملفات التجنيس، وليس الأمر، كما يحاولون إظهاره، بالموقف من التطورات الدستورية الأخيرة، ويدللون على رؤيتهم تلك بالتلميح إلى أن موقف أبناء القبائل لم يكن وليد صدور مرسوم الصوت الواحد، بل سبقه بكثير، ويعتقدون بأن الموقف من رئيس الوزراء السابق يندرج في المسار ذاته.
ربما يكون جزء من تلك الرؤية يحمل بعض الحقيقة، وليس كلها، وربما يكون هناك أيضا من استخدم بقصد سخط أبناء القبائل على الحكومة في تحقيق مواقع متقدمة له في معركة التنافس على المناصب المحورية، وربما أيضا هناك من كان جادا بالفعل في التعبير عن موقف سياسي، وليس موقفا اجتماعيا، لكن صوته ضاع، في ظل الأصوات الحانقة، وبدا الأمر كله على أنه غضب من موقف تجاه شريحة، وليس موقفا سياسيا، وهو أمر لا بد من تصحيحه في المرحلة المقبلة.
أصحاب تلك الرؤية يقرون بأن هناك من استخدم القبائل في أجندته، ولا يرون في ذلك أي شيء جديد، فقد استخدموا في تقويض الديمقراطية وفق رأيهم في فترة الستينيات والسبعينيات، وربما الثمانينيات من القرن الماضي، من خلال فتح باب التجنيس على مصراعيه لبعض الفئات داخل القبائل، وقد أثمرت تلك الخطوة ما يسمى «المزدوجين» في الوقت الحالي، ويقرون أيضا بأن ذلك الاستخدام لم يتوقف منذ ذلك الحين، وأن الأمر ليس وعيا سياسيا، بل هو صراع المحاور داخل الأسرة، وأن القبائل مثل البندقية تنقل من كتف إلى أخرى.
هناك بعض الحقيقة في وضع القبائل، لكن لا يمكن التعميم ومصادرة آراء الكثيرين من أبناء القبائل وحسابهم على الخيار القبلي، فالقبائل مكون اجتماعي، والزج به في أتون السياسة خطأ منذ اللحظة الأولى، لكن اللوم يوجه إلى من زجهم بتلك الطريقة، ولا يفترض أن نضعهم في هذا الإطار إلى ما لا نهاية، ويفترض بنا ألا نفعل كما فعل الآخرون، من خلال التعميم، سواء على القبيلة أو الطائفة أو المنطقة، بل يجب أن تكون لدينا عين أخرى قادرة على التمييز والتمحيص بشكل أكبر.. وإلا، فإننا سنقع في المشكلة نفسها.
أصحاب تلك الرؤية أيضا يرون أن نواب القبائل سابقا ولاحقا «صنائع»، وليسوا تعبيرا حقيقيا عما في داخل تلك القبائل، وأنهم حكوميون بشكل أو بآخر، حيث كانوا سابقا يتحالفون مع طرف، والآن يتحالفون مع أطراف، لكن ضمن الإطار الواحد، ما يعني أن الأمور لاتزال كما هي، ولم يتغير شيء، ويدللون على ذلك بالانقلاب مع الشيء ونقيضه في الوقت نفسه، وأعتقد بأن في هذا تجنيا كبيرا، رغم إقراري بأن بعضهم كذلك صنع أمام أعين أبناء القبائل، لكن قلة الوعي فوتت فرصة كشف ما يجري، وجعلتهم ضحايا.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق