تمام الساعة السادسة عند تقاطع شارع دمشق مع الدائري الرابع، مشهد يتكرر كثيرا حيث نجد أطفالا لم تتجاوز أعمارهم عمر الزهور يسيرون بين سيارات المارة كباعة جائلين، يعرضون بضاعة رثة، وكل ذلك سببه البحث عن لقمة العيش. لا أعلم إن كان مقالي هذا له علاقة مع أسبوع المرور الذي تعيشه الكويت هذا الأسبوع إلا أنني لم أجد أفضل من عنوان لهذا المقال من عنوان ( أطفال المرور ).
هل انعدمت مبادئ الإنسانية والرفق بهؤلاء الأطفال؟ ألم يراع أباؤهم مشاعرهم وهم يرون أقرانهم وما يتمتعون به من رفاهية العيش الكريم والحياة الفارهة ولله الحمد على كل حال؟ هل ذنبهم أنهم ولدوا ليجدوا أنفسهم من فئة غير محددي الجنسية؟ وما هو ذنبهم إن تعسفت الدولة في إعطائهم أبسط حقوقهم المدنية والإنسانية ولم تتجاوب مع حقوق بعضهم المكتسب في الحصول على الجنسية الكويتية؟ وما هي خطيئتهم إن كان بعض آبائهم الآخر قد طمع في الحصول على الجنسية الكويتية وما يتمتع به حاملها من مميزات وفوائد لن يجدها في بلد آخر فخبأ نتيجة لذلك مستنداته الثبوتية؟
لا أعتقد شخصيا أن الحكومة بيدها الحل لتجنب هذا السلوك اللاإنساني واللاأخلاقي، فهي منشغلة كثيرا في عقد الصفقات والملاحقات السياسية وفي وأد الحراك الشبابي وفي المعالجة السلبية للتخبطات اللامتناهية التي نعيشها والتي لازمت الحقبة الأخيرة من مسيرة الدولة، ولا أعتقد كذلك أن أولياء الأمور معنيون أو مهتمون بهذا الأمر، لأنهم إما لا يجدون ما يعينهم على تحمل أعباء الحياة المتزايدة ولم يجدوا وسيلة سوى استغلال أطفالهم في كسب مزيد من المال يعينهم على تلبية حاجتهم وإما أنهم قد فقدوا بالفعل معاني الإنسانية الحقيقية في تعاملهم مع فلذات أكبادهم.
اليوم، منظمات المجتمع المدني بأطيافها كافة وتحديدا الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان معنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى في تفعيل وفرض تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل التي تمت الموافقة عليها من قبل الهيئة العامة للأمم المتحدة في عام 1989 ودخلت حيز التنفيذ في عام 1990 وقد قامت دولة الكويت في عام 1991 بالمصادقة عليها، وذلك من خلال تمكين هؤلاء الأطفال بالتمتع بكافة حقوقهم من دون تمييز، حقوقهم في البقاء والتطور والنمو والحماية من التأثيرات المضرة وسوء المعاملة والاستغلال والمشاركة الكاملة في الأسرة وغيرها من الحقوق التي نصت عليها الاتفاقية وإلا لا فائدة حقيقية من وجودها!
إلى أولياء أمور هؤلاء الأطفال، لا أود إلا أن أذكرهم بقول الله سبحانه وتعالى (وعلى المولد له رزقهن وكسوتهن بالمعروف )، فالشريعة الإسلامية جاءت واضحة وصريحة في حق الأطفال تجاه آبائهم وما عليهم من واجبات من خلال تحملهم لنفقتهم كاملة من مطعم وملبس وكسوة وتعليم وخلافه. أما مسؤولو الدولة فعليهم إعادة النظر في حقوق أطفال البدون في التعليم والنماء والتربية السليمة وفي تلقي العلاج اللازم ومساعدتهم وإيجاد حل لقضيتهم. كما يجب على المشرع الكويتي، الذي لم يتناسَ فرض قوانين متعلقة بالأطفال وفقا لما جاء بقانون الجزاء، العمل على سن قوانين جديدة تحمي الطفل من بعض أشكال الاستغلال والإهمال وما إلى ذلك من أمور قد تسيء لتربية هذا الطفل ومستقبله. ختاما، لا اعتقد أن هناك أهم من قضية الأطفال وهم من خصهم سبحانه بقوله (المال والبنون زينة الحياة الدنيا… ) فهل من مجيب؟
boadeeb@yahoo.com
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق