محمد العبدالجادر: ماذا تريد الدولة

انتقاد السياسة العامة للدولة سيظل قائما، ما دام هنالك غياب رؤية شاملة وخطط متكاملة، والنقد الموجه بغرض الاصلاح. ولكن المعيب ان يتحول هذا النقد الى نقد شخصي بحت، رغم ان بعضا ممن يقودون رسم هذه السياسة العامة للدولة لا يعرفون ماذا يريدون، ويقودون الدولة الى مواقع ومناطق ومزالق، بسياسة ردود الافعال التي ينتهجونها.

ماذا تريد الدولة في امثلة صارخة توضح سياسة اللاسياسة؟ فمثلا وزير المالية المحترم يتحدث عن ضرائب وادوات جديدة لزيادة موارد الدولة، وهنالك نقاش وتسريبات من الفريق الوزاري عن صرف متجدد، سواء في قضية فوائد الديون، او على شكل هبات جديدة؟!

مثال آخر، وهو مجلس الخدمة المدنية الذي يشكل من مجموعة من الوزراء، يطلب كشوفا بمن مضى على خدمتهم ثلاثون عاما، تمهيدا لإحالتهم للتقاعد وضخ دماء جديدة وتعيين الموظفين الجدد، وفي الجلسة ذاتها يجدد لقيادات تجاوزت مدد خدمتهم الثلاثين عاما كوكلاء ومديرين عامين، رغم ان احالة الموظفين هؤلاء للتقاعد ستخلق مشاكل جديدة، وهي ان سقف رواتبهم سينخفض بشدة، وفي ظل عدم معالجة سقف الرواتب التقاعدية وسيخلق تذمرا شديدا من سياسة التطفيش وعدم الرضا، ماذا تريد الدولة بمثل هذه القرارات؟!

ماذا تريد الدولة، وهي تتحدث عن مستوى الخدمات الصحية الرفيعة، وبناء مستشفيات جديدة، وتخفيض اسعار الادوية، وهو كلام جميل، وفي الوقت نفسه توقع الدولة عقودا مع مستشفيات في ألمانيا وبريطانيا، وترفع مخصصات العلاج في الخارج؟!

ماذا تريد الدولة في بلادي، ونحن نتحدث عن التعليم العالي وجامعات جديدة، ونحن أمام قانون «جامعة جابر» المعطل، وحديث عن رفع نسب القبول لتلافي ازمة ازدياد اعداد الطلبة، وعدم وجود منافذ لأبنائنا الطلبة، وممن لا يريدون الاغتراب والدراسة في الخارج؟!

ماذا تريد الدولة؟! سؤال حيرني كثيرا وجل حديثي هذا في سياسة تقديم «الخدمات» للمواطنين، اما ماذا تريد «سياسيا» فهو لغز استعصى عليّ حله، فالدولة لا تستمع إلا لمن «يناجرها» أو يرفع «العقال» عليها؟!

د. محمد عبدالله العبدالجادر
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.