
أشهر انقضت دون أن تشهد الأزمة السياسية الكويتية أي انفراج يذكر، وأسئلة كثيرة تتردد بين الحين والآخر تنحصر بين مستقبل المعارضة وتماسكها من جهة وبين تمسك القيادة السياسية بالاستمرار على نهجها خصوصا بعد تجاوزها للمرحلة الأصعب في مواجهتها مع ردة الفعل التي واكبت إصدار مرسوم الصوت الواحد. ولعل أكثر الأسئلة شيوعا بين كثير من الأصدقاء هو هل نجحت الحكومة بالفعل في تجاوز هذه الأزمة ولو موقتا، أم أن المعارضة فشلت في تحقيق مطالبها التي أجدها من وجهت نظري المتواضعة مشروعة؟
شخصيا، أعتقد أن المعارضة هي من فشلت في تنظيم صفوفها وتوحيد توجهاتها ومطالبها وفي اختيار السبيل الأمثل في تحقيق المطالب الشعبية والشواهد على ذلك كثيرة. أما من يعتقد أن الحكومة استطاعت أن تنجح في تجاوز هذه المرحلة فهو واهم، فلا إنجاز يذكر قد تحقق على أرض الواقع ليلامس متطلبات الشارع في تحقيق التنمية المنشودة، ولا إجراءات تحفظ الهدر المستمر في المال العام أتخذ في حق من تسبب في تعثر مشاريع كثيرة كقضية الداو كميكالز، ولا محاسبة لمن أخفق في كثير من المشاريع السابقة، ومازالت الخدمات العامة من سيء إلى أسوء هذا بالإضافة إلى الانفلات الأمني والأخلاقي والمجتمعي الذي بدأ مسلسل قضاياه يتكرر بشكل يومي وغيرها من الأمور التي يمكن أن تعطي انطباعا ولو بسيطا عن استعادة الحكومة لثقة الشارع المفقودة منذ زمن بعيد. فكل ما فعلته الحكومة وبإمتياز هو اللعب على وتر قضية إسقاط القروض وفوائدها فقط كوسيلة لإلهاء الشارع عن قضايا أخرى مصيرية ومهمة.
اليوم، المعارضة مطالبة بشكل أو بآخر في إعادة النظر في المرحلة السابقة وإعادة ترتيب أوراق بيتها الداخلي مرة أخرى. فعلى سبيل المثال، يجب على المعارضة اليوم أن تنتزع عباءتها التي تربط المعارضة بالثلاثة وثلاثين نائبا في المجلس السابق في ما عرف باسم كتلة المعارضة وألا تقترن بشكل أو بآخر بشخوصهم وألا يؤثر أي تصريح أو تصرف لأي منهم على توجه المعارضة العام. كما يجب على المعارضة أن تعيد النظر في طريقة أطروحاتها السياسية ووسائل نقلها وآلية التعبير عنها، فكثيرا من المسيرات والتجمعات السابقة قد لاقت استياء شعبيا لانها بكل بساطة لا تتفق مع عادات المجتمع وتقاليده ولم تتمكن من مخاطبة لغة الشارع وعواطفه.
أكاد أجزم أن نسبة لا بأس بها، وأنا منهم، يؤيدون وبشدة ما جاء في بيان تأسيس ائتلاف قوى المعارضة من خلال الانتقال إلى النظام البرلماني المتكامل وإشهار الأحزاب وانتخاب الحكومة ورفض التضييق على الحريات التي كفلها ونص عليها الدستور وحل مجلس الصوت الواحد، إلا أنني أجد أن كثيرا ممن يؤيدون ذلك قد استاؤوا كثيرا لنهج وأسلوب المعارضة في إيصال تلك الرسائل لصانع القرار السياسي كتلك المسيرات التي نظمت مثلا في المناطق الداخلية في أوقات متأخرة من الليل أو كذلك الدعوة إلى الإضراب العام عن العمل وغيرها من وسائل التعبير.
نعم، فالنهج هو ما يحتاج إلى تغيير، أقولها بقلب صادق، فما نلاحظه أن التغيير الوحيد الذي تم هو الانتقال من مسمى تجمع إلى قوى إلى ائتلاف وغيرها من المسميات. اليوم نعيش في مفترق طرق، وما نحتاجه هو الأمل وقليل من الصبر وكثير من الحنكة ولنا في التجارب السابقة خير مثال، فنضال الشعوب يحتاج إلى مزيد من الإصرار ونيل المطالب سيحصل فقط إذا استمر العمل على تحقيقها دون كلل أو ملل بالطرق والوسائل والأساليب المقبولة شعبيا والتي تتفق مع الدستور والقوانين والنظم والأعراف والتقاليد.
boadeeb@yahoo.com
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق