“وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” (المائدة 2).
أعتقد أن الأزمات الفكرية والسياسية المفتعلة والتجمعات والمسيرات غير المرخصة تعيق مواجهة التحديات الوطنية المشتركة. بل ربما ستؤدي فبركة المواقف التأزيمية المصطنعة والتداحم الشخصاني نحو التكسب الانتخابي إلى إضعاف القدرة على مواجهة الأخطار التي تهدد المجتمع بأكمله, لا قدر الله. فمجتمع الأسرة الوطنية المتوحدة من المفترض أن يُظهر أغلبية أعضائه الحكمة والروية وبعد النظر بين الحين والآخر وبخاصة عندما تتطلب الحاجة لذلك. وأن يتوقف البعض طواعية- استناداً على حسهم الوطني الرفيع- عن تعريض مجتمعهم للفتن والقلاقل والمؤامرات الخارجية. ومن هذا المنطلق, فاستمرار البعض القليل في اعتناق خطابات سياسية تأزيمية ومحاولتهم حقن مزيد من التنافر الشخصاني في الساحة المحلية السياسية يضر ولا ينفع. فإذا كنا ككويتيين نؤمن بأننا ننتمي لمجتمع الأسرة الوطنية المتوحدة, فحري إذاً ببعض عقلائنا وحكمائنا ومن يقلقون فعلاً على مصالح بلدهم البعد عن جر مجتمعهم وبعض أبنائه للتناحر والتنازع الأناني. فمن يؤمن في قرارة قلبه وعقله أنه يعمل لمصلحة الكويت عليه إذاً الحرص على حماية أمنها الوطني ولحمتها الاجتماعية وثوابتها الوطنية من الفتن والقلاقل ومن الأثار التدميرية للسجالات العقيمة والعدمية.
بل حري بمن يسكن وطنه الكويت في قلبه أن يحرص كل الحرص على التعاون مع أبناء وطنه الآخرين في تكريس وحدة وطنية فاعلة وإيجابية تقوي النسيج الاجتماعي وتعزز من قدرتنا على مواجهة التحديات. فمن يدرك فعلاً حساسية الوضع الإقليمي والعالمي في هذه الفترة الحرجة من التاريخ الإنساني سيستدرك بشكل جلي الآثار المدمرة للأزمات الداخلية المفتعلة. فالوطن والمجتمع كالأسرة التقليدية: فإذا تعاون المواطنون فيما بينهم سيتمكنون من حماية أنفسهم من الأخطار المحدقة بهم. أما إذا راجت الخلافات الشخصانية بين أعضاء الأسرة الواحدة, فستنتشر الأنانية الشخصانية والنفور المفبرك بما سيؤدي إلى إضعاف قدرة الأسرة الوطنية على مواجهة تحديات العالم الخارجي.
الكويت في ماضيها وفي حاضرها وفي مستقبلها تستمر في كونها مجتمع الأسرة الوطنية المتوحدة والمتماسكة. ومن أجل أن نتمكن جميعنا ككويتيين من حماية نسيجنا الاجتماعي من أي تهديد داخلي أو خارجي علينا إذاً مكافحة الأزمات السياسية المفتعلة وتكريس المحبة والتعاون والحوار الايجابي فيما بيننا. فنحن ككويتيين وبلا استثناء مؤتمنون أمام الله عز وجل على وطننا وعلى مجتمعنا.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق