مناورة سياسية واضحة وذكية أيضاً تلك التي تقدم بها بعض النواب على شكل اقتراح بقانون لإلغاء فصل ما يسمى بالاختلاط في الجامعة، وما يجعلني أعتقد أنها مناورة سياسية وليست أمراً عفوياً هو أنها جاءت من العدم دون مقدمات أو حتى تصريح مسبق كبقية القضايا المطروحة كإسقاط القروض مثلاً وغيرها.
أعتقد أن الهدف وراء هذا الاقتراح هو أن يحظى هذا المقترح بدعم التيارات المدنية المقاطعة لمجلس ديسمبر بسبب مرسوم الضرورة، وبالتالي خلق استقطابات مختلفة عما هي عليه اليوم بين مؤيد ومعارض لمرسوم الضرورة لتتحول ما بين مؤيد ومعارض لما يسمى بالاختلاط.
على أي حال وبعيداً عن اعتقادي بأنها مناورة سياسية وليست أمراً جاداً، فإنه من الواجب أن نوضح مفهوماً قد يكون غائباً عن الكثيرين، أو أننا لم ننجح في إيصال ما نريده بشأن التعليم بشكله الصحيح.
المطلوب بكل اختصار هو حرية الاختيار في المجال التعليمي وليس الفرض سواء كان على الصعيد الحكومي أو الأهلي، فعندما فرض فصل التعليم المشترك على جامعة الكويت في عام ١٩٩٦، الأمر الذي تكرر في عام ١٩٩٩ على الجامعات الخاصة كان الاحتجاج مبنياً على رفض الوصاية على الطلبة وذويهم في اختيار نوع التعليم الذي يريدونه، وتقييد اختيارهم بشكل ينافي الدستور الكويتي، وما تضمنه من حقوق أساسية ترفض تقييد الحريات.
بشكل أوضح رفض ما يسمى بقانون فصل الاختلاط ليس سببه الرغبة في إلزام الدولة بالتعليم المشترك، بل هو رفض لتقييد حرية الاختيار، واليوم يجب أن يتكرر الرفض أيضاً لمبدأ الوصاية بشكلها الآخر على التعليم، فمقدمو الاقتراح النيابي يريدون فرض التعليم المشترك على الطلبة وذويهم وهو تكرار لما حدث في ٩٦ و٩٩ بشكل عكسي.
شخصياً أعتقد أن التعليم الجامعي المشترك هو النموذج التعليمي الأفضل، لكن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال أن يفرض ما أعتقده على الجميع، بل على الدولة الغنية ذات الفوائض الضخمة أن توفر التعليم بأشكاله لأبنائها، وهم يحددون النظام الأنسب لهم، وإن كان النواب فعلاً يهتمون بالوضع التعليمي فإن الأولى هو سرعة تأسيس جامعة حكومية أخرى بمعايير تتفادى كل أخطاء جامعة الكويت، وبنظام تعليمي مشترك كي توفر بذلك الحرية المنشودة في اختيار التعليم، بالإضافة إلى إلغاء قانون فصل ما يسمى بالاختلاط في الجامعات الخاصة لتحدد تلك الجامعات نظامها التعليمي الأنسب.
لقد عانينا تقييد الحريات بالمجالس السابقة بمختلف أشكاله، وفيما يبدو أن جماعة مجلس ديسمبر يريدون تطبيق التقييد كذلك، لكن بشكل لا يرضي نواب المجالس السابقة، والتقييد والوصاية بالحالتين خطر ومرفوض.
ضمن نطاق التغطية:
أكررها للمرة الألف أن قانون فصل ما يسمى بالاختلاط والصادر في ١٩٩٦ لا ينص أبدا على فصل الطلبة عن الطالبات بالشكل المطبق حالياً، بل ينص على تخصيص أماكن لكل جنس في نفس القاعة الدراسية، لكن لا أحد يقرأ بمن فيهم وزير التربية الحالي والوزراء المتعاقبون.
خارج نطاق التغطية:
ابتداء من اليوم أتشرف بنشر ما أكتب في “الجريدة” كل يوم أربعاء بدلاً من الاثنين.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق