أعتقد أن خطاب الكراهية يضعف الوحدة الوطنية لأنه يرسخ التنافر والبغضاء بين أعضاء المجتمع الواحد. ولذلك, فمن الطبيعي أن تتم مكافحة خطابات الكراهية, وخصوصاً اليوم, حيث يؤدي هذا النوع من الكره المقيت للآخر المختلف إلى نشر الفتن والقلاقل والاضطرابات الاجتماعية. ولذلك, تحرص الحكومات المعاصرة على مكافحة كل أنواع التفرقة, العنصرية والطبقية والطائفية والقبلية, لأنها تهدد بشكل مباشر الوحدة الوطنية التي ترتكز في أساسها على التسامح والتوافق الاجتماعي. ومن هذا المنطلق, فالحكومة التي تحرص فعلاً على صيانة وحماية الأمن الوطني ستكون أكثر حرصاً في مكافحة أي نوع من خطابات الكراهية. فوحدتنا الوطنية تشير إلى توحد فئات وطوائف وشرائح المجتمع في بوتقة الوطن الكويتي الواحد.
على سبيل المثال, من يحاول نشر خطابات الكراهية في مجتمعنا الكويتي المسالم والمتماسك يضمر الشر لكل شرائحه الاجتماعية. فلا يقبل العقلاء تجزئة خطاب الكراهية اما من يعمل بذلك فهو إما أن يكون طائفياً تفريقياً أو قبلياً تفريقياً أو طبقياً عنصرياً. فخطاب الكراهية شر واحد ولا يمكن في أي حال من الأحوال التغاضي عنه, فالعاقل يدرك أنه إذا لم يقع هو نفسه ضحية لخطاب الكراهية اليوم فسيقع ضحية له لاحقاً: بمعنى آخر, خطاب الكراهية بكل صوره وتخرصاته شر ما بعده شر على الفرد وعلى المجتمع.
فمن يحاول إثارة النعرات القبلية والطائفية ضد بعض أعضاء المجتمع يحاول ترسيخ الكراهية فيما بينهم. وعادة ما تورث نار الكراهية والازدراء رماداً مجمراً, حيث يظل الضحية حانقاً على من شتمه في السابق أو من خون في وطنيته أو شكك في ولائه الوطني. فكل الشر والبلاء يأتي بعد خطاب الكراهية, والعياذ بالله, فتن وقلاقل وخلط للحق بالباطل وغلبة التصرفات الشخصانية وضيق الأفق في المجتمع. وبالطبع كل هذه العواقب السيئة تهدد الوحدة الوطنية وتنهك قدرة المجتمع على التسامح والتوافق.
لم يسبق لآبائنا وأجدادنا أن سمحوا بترسخ خطاب الكراهية بينهم. فرعيلنا الأول, بدوهم وحضرهم وشيعتهم وسنتهم, كانوا يتعاملون فيما بينهم ككويتيين فقط, ينتمون جميعهم لهذا الوطن الذي لا يفرق بين أبنائه, بل يصعب علي شخصياً قبول ترسخ خطاب الكراهية الطائفي في مجتمعي الكويتي, وذلك لإدراكي تناقضه الفج مع ما يحدث فعلاً في حياتنا اليومية الكويتية, فبالنسبة للمواطن الكويتي المخلص لثوابته الوطنية, شيعة وسنة وحضر وبدو الكويت مواطنون كويتيون وأهل دار واحدة يستحقون جميعهم وبلا استثناء الاحترام والتقدير كونهم كويتيين. والله المستعان.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق