لماذا لا يكون في كل منطقة سكنية مركز للشباب يقدم للجنسين برامج تراعي متطلبات المرحلة العمرية لهم.
***
هناك أكثر من زاوية يمكن الحديث حولها بعد تقدم خمسة نواب من المجلس التشريعي باقتراح إلغاء المادة الأولى من القانون (24) لسنة 1996 بشأن تنظيم التعليم العالي، والمادة السادسة من القانون رقم (34) لسنة 2000 بشأن إنشاء الجامعات الخاصة، وهو القانون الذي يعرف إعلامياً بـ”قانون منع الاختلاط”. أختصر بالآتي:
أولاً: هناك تزييف مكشوف يجري من خلاله حشر الدين أو العادات والتقاليد في موضوع التعليم، وعلى خط موازٍ هناك استغلال سياسي واضح لمسألة التعليم المشترك من قبل التيارات المحافظة وامتداداتها الطلابية داخل الجامعة، وكان ذلك في أوجه في عقد التسعينيات الذي ولد فيه القانون في عام 1996.
ثانياً: هناك تزييف للمصطلحات المستخدمة في هذه المعركة، فكلمة اختلاط توحي بوجود شباب من الجنسين في أماكن لا يجوز تواجدهم فيها معاً، وليس الصرح الجامعي المحترم والمفتوح الذي يتعاطى العلم.
ثالثاً: وهذا ما أستغرب له، أن بعض من يقف ضد القانون الحالي وممن له موقف مسجل ضد القوى المحافظة يقف اليوم مرتبكاً من فكرة إلغاء القانون، بحجة أنه ضد مجلس “الصوت الواحد”، كما يحلو للبعض تسميته، وهو موقف يفتقد أدنى درجات الكياسة والمواءمة السياسية.
رابعاً: ان القوى الليبرالية منذ تطبيق القانون الحالي، وهو قانون معيب اجتماعياً وتعليمياً، لم تبذل جهداً يذكر لتغيير ما يمكن وصفه بالارتداد عن الالتزام الأخلاقي لبناء الدولة المدنية التي يؤكدها دستور الدولة، الذي استمد جزءاً من مواده من نص “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”، وبالتالي فإن المسؤولية الأخلاقية تتطلب الوقوف مع طلب الإلغاء، وذلك لدواعي الانسجام مع النفس.
خامساً: وعلى غير ما يشيعه أصحاب الرأي المؤيد لعزل الجنسين، فإن الرسالة الإعلامية التي نتجت عن تطبيق الفصل هي أن هناك حوادث أخلاقية تكررت داخل الحرم الجامعي، وينبغي الوقوف ضد الانزلاق الأخلاقي الحاصل فيه. وهي رسالة مهينة جداً ومسيئة لأساتذة الجامعة وطلبتهم وأسرهم على السواء، وهي نتيجة يجب أن يحاسب فيها الناس مشرعي القانون الحالى.
سادساً: هناك موقف يتسم بالجبن أو الخداع يتبناه البعض وملخصه: لا داعي للخوض في الموضوع حتى نرى نتيجة حكم المحكمة الدستورية في مسألة الطعون بدستورية المجلس الحالي من عدمه… وهو موقف انتهازي وغير مسؤول.
سابعاً: شغل قانون الفصل إدارة الجامعة والأساتذة والطلبة بموضوع لا علاقة له بالتعليم، وبدد الوقت والمال من أجل إيجاد أماكن لعزل الإناث عن الذكور. ولم تستطع الجامعة على مدى السنوات الماضية تطبيق القانون بسبب عدم منطقيته، وهو قول أكثر من أكاديمي أعلن ذلك صراحة أو على استحياء للصحافة المحلية.
أخيراً، فإن طرح الموضوع في الوقت الحالي له جوانب عدة، كالتوقيت والتحشيد وضمان الأغلبية داخل المجلس، وعرض الدراسات الإحصائية الأكاديمية التي قالت باستحالة تطبيق العزل لأضراره الأكاديمية على الطلبة، إضافة إلى تشويه سمعة التعليم الجامعي وما قبله.
لكن يبقى أن مقدمي التعديل التشريعي -وبينهم أستاذة وأستاذ جامعيان- وضعوا شريحة كبيرة من السياسيين بين قضية مبدئية للقوى الليبرالية أو التقدمية، ولكون تلك الشريحة قد اتخذت موقف مقاطعة الانتخابات التي جاءت بالمجلس الحالي.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق