صلاح الفضلي: ما هو البديل عن الحوار؟

طرحت أكثر من شخصية سياسية فكرة الحوار ومن هؤلاء عبيد الوسمي وصالح الملا وعبدالله النيباري وحسن جوهر.
طرح فكرة الحوار قوبل برفض مطلق من قبل صقور المعارضة وفي مقدمتهم أحمد السعدون ومسلم البراك وجمعان الحربش بحجة أنه لا حاجة للحوار، وأن على السلطة أن تحترم الدستور وتلغي مرسوم الصوت الواحد وأن لا حوار معها قبل ذلك. فكرة الحوار قوبلت بالرفض أيضا من قبل أطراف الموالاة الذين يشككون في جدوى الحوار مع المعارضة، والقول إن الحوار يتم بالالتزام بالدستور وتحت قبة عبدالله السالم وليس خارجها، في حين أن الحكومة وعلى لسان رئيسها صرحت بأنها «ما راح تحب خشم المعارضة». الرفض المتبادل لمبدأ الحوار من طرفي المعادلة يدل على استمرار حالة العناد والمكابرة التي لن تؤدي إلا إلى استمرار الاحتقان السياسي والمجتمعي.
لجميع رافضي فكرة الحوار نوجه السؤال التالي: ما هو البديل عن الحوار الوطني؟ هل تريدون استمرار الوضع الحالي الذي يحاول فيه كل طرف كسر شوكة الطرف الثاني حتى لوكان ذلك على حساب أمن المجتمع واستمرار حالة الاحتقان فيه؟ هل المطلوب رفع شعار شمشون الجبار «علي وعلى أعدائي» والقبول بهدم المعبد على من فيه لمجرد التمسك بأن «كلمتي ما تنزل الأرض»؟ على أطراف المعارضة أن تدرك حقيقة أن أحد الأسباب الرئيسية لتعثر وضعف حراكهم هو النزعة الإقصائية الموجودة في أوساطهم، وهوما جعل المكونات الاجتماعية الأخرى تنفر منهم، بل وسعت في العديد من المواقف إلى مساندة السلطة نكاية بهم.
عندما نتكلم عن الحوار المطلوب فإن هناك صيغتين لفكرة الحوار الوطني، الأولى تتمثل في الحوار بين السلطة والمعارضة للخروج من أزمة الصوت الواحد، وهذه الصيغة تفترض أن السلطة تتحلى بالحكمة والنظرة الاستراتيجية الاستشرافية للأمور، ولكن هذه الصيغة مؤجلة لحين صدور حكم المحكمة الدستورية في شهر يونيو المقبل.
أما الصيغة الثانية للحوار فهي الحوار بين كافة المكونات السياسية والمجتمعية الفاعلة للخروج بحد أدنى من التوافق ينتج عنه مشروع وطني لمطالبة السلطة بتنفيذه. مهما اختلفت التوجهات والرؤى فإن هناك بالتأكيد قدرا من التوافق على مجموعة من العناوين بين جميع المكونات، وبالتالي من المنطقي التوافق على ما يتفق عليه الجميع وتنحية ما هو مختلف عليه. على جميع القوى الساعية للإصلاح أن تعي أنه من الاستحالة بمكان إنجاح مشروع إصلاحي وطني ما لم تشارك فيه جميع مكونات المجتمع، وهذا يستلزم الانفتاح على الجميع والحوار مع كل من يتقبل فكرة الحوار.
لكن حتى لو يتم التوصل إلى الحد الأدنى من المشروع الوطني المتوافق عليه فإنه يظل للحوار فائدة أخرى مهمة وهذه الفائدة تتمثل في كسر حالة الاحتقان والتباعد الموجودة بين التيارات السياسية فيما بينها، وأيضا بين المكونات المجتمعية في جانب آخر، فمجرد التقاء السني مع الشيعي والحضري مع البدوي سوف يخفف من حدة الاحتقان الفئوي والطائفي المتفشية في المجتمع، وهذا في حد ذاته مكسب كبير.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.