بدأت في الأعوام الأخيرة ظاهرة منبوذة ويرفضها العقل والشرع وفيها من الإسراف ما الله به عليم، اللعب بالأموال وبعثرتها للتباهي وإرضاء الغرور وإشباع النفس الأمارة بالسوء بمظاهر الدنيا، ألا وهي إقامة مسابقات مزايين الإبل، حيث بلغ التنافس فيها، حدا يجعل المرء يُصدم للأرقام الفلكية التي ترصد لهذه المسابقات، فترى كل قوم يتفاخرون بما لديهم من جمال، وليتها اقتصرت على هذا الأمر، وإنما تعداه إلى إلقاء المعلقات والقصائد والأشعار التي تثير في معظمها النعرات والتعصب الأعمى، فبالله عليكم أي نصر يتبجح به الفائز وأمواله تذهب هدرا على غير معنى، فلو كانت هذه المبالغ الضخمة ذهبت إلى حيث الفقراء والمعوزين، وما أكثرهم، لكانت الفائدة أعم وأشمل، فكم من مديون، يقضي ليله مهموما، وكم من مريض حرمه الفقر من نيل العلاج، وكم من طالب يمنّي النفس بإكمال دراسته، وغيرهم الكثير من البشر مما يعانون الفقر والحاجة، والحرمان، على وجه الأرض، ألم تفكر بهم يا أخا العرب، ألم تجعلهم ضمن أولوياتك؟!
يقول أحدهم مزهوا ومتفاخرا أنه أنفق ما يقارب 40مليون دولار لشراء قطيع من الإبل ليشارك بها في مسابقات المزاين، قالها والابتسامة تملأ محياه دون أن يشعر بحرج تجاه هذا الإسراف المبالغ على هواية وقتية سرعان ما ينتهي موسمها، بينما أنين الفقراء والمحتاجين يبقى طوال العام دون أن يستمع لهم أحد سوى خالقهم سبحانه وتعالى!
يتساءل المرء عن دور الدولة تجاه سلوك مواطنيها، إذ من غير المعقول أن تبقى مكتوفة الأيدي، فالشرع أجاز لها الحجر على أموال هؤلاء منعا لبعثرتها والحفاظ عليها وتوزيعها على الأحياء من عائلة هذا العابث!
اللهم إنا نبرأ إليك مما يفعله هؤلاء المسرفون، من الذين اتخذوا من أموالهم أداة لهو وطرب وعبث دون أن يكون لعمل الخير فيها نصيب!
قم بكتابة اول تعليق