لا أعلم ما الدوافع الحقيقية في تضارب الأفعال والأقوال والتوجهات التي نشاهدها من قياديي المعارضة ولا أجد لها تفسيرا واضحا سوى محاولة لعرقلة الحراك السياسي الشعبي ليس إلا، كما أنها قد تكون بسبب اختلاف توجهات وأفكار وأيديولوجيات شخوص وقياديي المعارضة وربما لأسباب أخرى لا نعلمها.
ولا أعلم كذلك لماذا يثار في هذا الوقت بالتحديد موضوع تطبيق الشريعة الإسلامية وتعديل المادة الثانية من الدستور في خضم ما يعيشه الشارع من مطالب إصلاحية سياسية حقيقية وفقا لاتفاق شعبي غير مسبوق من خلال الدعوة إلى الحكومة المنتخبة (أيا كان طريقة إنتخابها) ومن خلال إشهار الأحزاب ورفع سقف الحريات وتطبيق قوانين مكافحة الفساد وكشف الذمة المالية والعودة إلى النظام الانتخابي السابق وغيرها من المطالب المشروعة.
لقد جاء تفسير المادة الثانية من الدستور وفقا للمذكرة التفسيرية واضحة وصريحة من خلال توجيه المشرع وجهه إسلامية إذ ذكرت (أن مقتضى هذا النص – والمقصود هنا المادة الثانية من الدستور – عدم جواز الأخذ بمصدر آخر في أي أمر واجهته الشريعة الإسلامية بحكم مما قد يوقع المشرع في حرج بالغ)، ويتضمن النص كذلك (إنما يحمل المشرع أمانة الأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية ما وسعه ذلك…)، وعليه نجد أن الأصل هي الشريعة الإسلامية وأنها هي الأساس في جميع الشرائع والقوانين وإنه كذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار مقتضيات التطور الطبيعي التي قد تلزم إصدار تشريعات محددة لم يضع التشريع الإسلامي نصا صريحا لها. إنني أتساءل هنا، لماذا يثار هذا الموضوع في هذا الوقت بالتحديد؟ وما المشاريع أو القوانين الإسلامية التي تقدم بها النواب ورفضت سابقا؟ وهل لدى السياسيين الإسلامين مشروعا إسلاميا حقيقيا؟ أم أن كل ما يقال ويشاع ما هو إلا وسيلة في سبيل تعطيل مشروع الإصلاح السياسي الحقيقي الذي يقوم على أساس حماية الدستور والمكتسبات الشعبية.
ثم إذا جئنا على تعديل المادة الثانية من الدستور، فإن ذلك لا يمكن أن يتم مناقشته من الأساس إلا بعد موافقة ثلث أعضاء المجلس والأمير وفقا لما جاء بالمادة 71 من الدستور، وعليه فإن موافقة الأمير المسبقة على أي تعديل تعتبر أساسا قبل مناقشته، وهو حق دستوري مكتسب علينا أن نحترمه إذا كنا بالفعل نؤمن بالدستور والتمسك بأحكامه.
إن أكثر ما نعانيه اليوم كما ذكرناها مرارا، أن نسبة لا بأس بها تربط المطالب الشعبية بشخوص الثلاثة والثلاثين نائبا المبطلة عضويتهم بحكم المحكمة الدستورية، وأن أي شطحات من أي شخص منهم يعتبر تراجعا في تماسك الحراك الشعبي وهو واقع الحال إذا كنا أكثر إنصافا. اليوم، المجاميع الشبابية والقوى السياسية مطالبة من أي وقت مضى بالتمسك بما جاء في وثيقة إشهار ائتلاف المعارضة من خلال الدعوة إلى الحكومة المنتخبة وإشهار الأحزاب السياسية والعودة إلى النظام الانتخابي السابق وعدم تضييق الحريات ليس أكثر وألا يتم الالتفات إلى أي شخص قد يحيد عن هذه التوجهات لأن ذلك قد يدخلهم في خلافات وصراعات سيمضي عليها الزمن دون أن تنتهي ودون أن تتحقق مطالبهم!
قم بكتابة اول تعليق