التعديل الجديد لقانون المرور غير مفهوم ولا يحل الأزمة.. لكن ربما كان اعتماده لأنه لن تكون له معارضة من الكويتيين أي مجلس الأمة.
ما الذي يجمع بين اللاعبين المحترفين لدى الأندية ومجهزي الموتى وفنيي شركات النفط وزوجة أو أرملة الكويتي؟ الجواب على ذلك هو أنهم من قائمة تضم 17 مهنة وحالة مستثناة من القرار الذي صدر، أخيراً، عن النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بتعديل قانون المرور. الذي اشترط منح رخص القيادة للوافدين بأن يكون لديهم 1 – إقامة صالحة مضى عليها عامان على الأقل. 2 – لا يقل الراتب عن 400 دينار. 3 – يحمل شهادة جامعية.
كما أن هناك قائمة أخرى من الاستثناءات من شرطي مدة الإقامة والراتب تجمع ما بين الصحافي والقاضي وأمناء المكتبات وأئمة المساجد، وتضم القائمة كذلك 16 وظيفة او مهنة. وبذلك يكون مجموع الاستثناءات من القرار بشكل كامل ومن مدة الإقامة بشكل كامل 33 مهنة وحالة. وليعذرني القارئ إن لم يفهم استثناءات هذا القرار، فقد قرأته مرتين ولم أفهمه، خصوصاً أن هناك أولاً: مستثنين من القرار. وثانياً: مستثنين من شرطي مدة الإقامة والراتب. هذا، ومع أن قائمة الاستثناءات قد تتطلب إدارة كاملة للتحقق من صدقية المهن والتنسيق مع وزارة الشؤون للتأكد من عدم وجود تلاعب من الشركات عندما تحدد مهنة طالب الإقامة، إلا أنه سنعتبر هذا القانون المعدل أحد الحلول المطروحة للتخفيف من أزمة المرور.
هذا، ولا بد من الإشارة إلى أن هذا التعديل على القانون لحل أزمة المرور لن يلفت نظر عضو مجلس الأمة. فهو خارج دائرة أعضاء المجلس لأنه خارج اهتمام قاعدتهم من الناخبين الكويتيين. وعند افتراض أن هذا التعديل على القانون سيساهم في حل أزمة المرور، نود أن نتساءل إن كان هناك دراسة مبينة بأرقام تقدر أثر تطبيق هذا التعديل على أزمة المرور. فيفترض أن وزارة الداخلية، درست خيارات عديدة، وأنه كانت هناك آثار ونتائج لتطبيق هذه الخيارات على أزمة المرور، وأنها اختارت «الخيار» أو أحد «الخيارات» المؤثرة في حل هذه الأزمة، ولكن أكثر الاحتمالات أن هذا التعديل تم اختياره لأنه لن تكون له معارضة من قبل الكويتيين.
إن أزمة المرور تخص نحو أربعة ملايين شخص يعيشون على أرض الكويت. يشكل الكويتيون نحو 33 % منهم. لذا، فإن الحلول المطروحة تحتاج إلى دراسة تهدف إلى التعرف على السياسات والأنظمة التي عند تطبيقها ستخفض تردد هذه المئات من ألوف السيارات على الطرق. فمع حداثة الطرق واتساعها أصبحت غير قادرة على استيعاب هذا الدفق من السيارات. ولا شك في أن وزارة الداخلية لديها إحصائيات دقيقة عن عدد السيارات التي تدخل شوارع الكويت سنوياً، وكم منها لكويتيين، وكم منها لغير الكويتيين؟ فحل مشكلة المرور يتطلب إجراءات أو قوانين تدفع إلى تغيير سلوكيات مالكي السيارات بشكل عام. هذا على المدى القصير، أما على المدى الطويل، فلا بد من اللجوء إلى النقل العام، إن كان ذلك عن طريق بناء شبكة من قطارات أحادية السكة «مونوريل» كما هو في دبي أو تحديث شبكة باصات النقل العام وتوسعتها.
ولعل من أهم الإجراءات أو القرارات التي يجب أن تتخذها الحكومة، هو رفع سعر البنزين، الذي هو الأرخص حتى في منطقة الخليج، والذي لم يرفع سعره لأكثر من عشرين عاماً، حيث إن سعره الحالي يشجع على إساءة استخدام السيارة، وبالتالي ازدحام الطريق. ومن ناحية نظرية، فإنه لو وفرت الدولة النقل العام مجاناً للجميع، فإن ذلك سيكون أقل كلفة من توفير البنزين بالأسعار الحالية. وإلى أن تستحدث وسائل نقل جديدة مثل القطارات، لا بد من تغيير في سلوكنا جميعا لحل أزمة المرور. فهناك 2.3 مليون من القوى العاملة، يشكل الكويتيون %17 منهم، يتوجه أغلبهم إلى أعمالهم بمركباتهم الخاصة، كما أن الأغلبية تأخذ أبناءها إلى المدرسة بمركبة خاصة. فلا حل لمشكلة المرور من دون تغيير سلوكنا في استخدام السيارة، فلا بد من التواضع وحتى المعاناة قليلاً من أجل تخفيف معاناة أكبر من مصدر آخر.
المصدر: صحيفة القبس
قم بكتابة اول تعليق