الكفاءة والولاء جدلية مزمنة في القطاع الحكومي، ولو نبشنا عن أسباب تردي الوضع الحكومي لعثرنا عليه دون جهد يذكر، فالولاء ظل هو السمة المشتركة لكل تلك الإخفاقات التي أصيبت بها الحكومة منذ تأسيسها في العام 1963 وحتى اليوم، والمصيبة أن القائمين على الحكومة يعرفون ذلك جيدا، لكنهم يخافون أن يخطوا خطوة واحدة نحو الكفاءة خوفا من دفع ثمنها.
هذه المقدمة هي الرد الوحيد على وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود الذي قام بتشكيل لجنة تحقيق.. لماذا؟! حتى يعرف من الذي سرق ذخائر من مستودعات الشرطة، رغم أن الإجابة أمام عينيه وعجز أن يراها أو ربما تهرب من استحقاقاتها، يا سيدي من سرق الذخائر هم أصحاب الولاءات (المنافقون، المتملقون، المحاسيب)، أو قياديو «حب الخشوم».
وزارة الداخلية بحاجة إلى «غربلة»، ليس على صعيد الأشخاص فقط، وهم بالتأكيد جزء من الكارثة التي تعيشها تلك الوزارة، بل أيضا على صعيد البنى، وقد كتبت وكتب غيري من الإخوة الكثير من المقالات يحذرون فيها من ذلك «الغول» الهائج الذي ينطح ويشطح يمينا وشمالا، فمن اتهام «صعيدي» وضربه ليعترف بقتل وافدة باكستانية، إلى التحريض على هتك عرض حدث سعودي والقائمة تطول.
وزارة الداخلية هي تلك التي استخدم فيها جهاز أمن الدولة لصنع الأبطال الوهميين، وتسويقهم على الشعب الكويتي، وها نحن نعيش مأساة ذلك العبث، ووزارة الداخلية هي تلك التي قبض فيها على مواطن وقتل تحت التعذيب، دون رادع من ضمير، ووزارة الداخلية هي تلك التي تعج مخافرها ومراكزها بالتجاوزات والفضائح التي تكفي واحدة منها لإسقاط عشرة وزراء داخلية وليس وزيرا واحدا.
وزارة الداخلية هي تلك التي خياراتها الواحد أسوأ من الثاني، وقد أضحكني فعلا عندما أنهى الوزير الشيخ أحمد الحمود خدمات بعض القياديين، وعين آخرين في المناصب نفسها، وهو في تلك الخطوة كما يبدو كمن أقال الحجاج وعين ابنه، أي أنه لا جديد، والعملية مجرد اجترار للفكرة نفسها، فالقضية ليست قضية شخوص، بل قضية نهج، الأمر الذي يتهرب منه وزير الداخلية.
ما لم يفصل الجهاز الإداري عن الجهاز الفني في وزارة الداخلية وتعاد هيكلتها من جديد، ونقل بعض اختصاصاتها التي استولت عليها بحكم الواقع، مثل إدارة التحقيقات إلى الجهاز القضائي، والتخلي عن بعض الاختصاصات الأخرى، التي يفترض تبعيتها إلى هيئات أقرب لها، ووضع معايير حقيقية لاختيار القيادات ستسرق ذخيرتها، بل وأسلحتها بعد أن سرقت مهمتها الحقيقية.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق