د.حسن عباس: شطب الجويهل


حينما وجه وزير الدفاع محمد الأحمد الصباح حديثه إلى النائب السابق خليفة طلال الجري وناداه بـ «بن جري» حاف، رفع اول رئيس لمجلس الأمة مطرقته (المطرقة التي يستهزئ بها وليد الطبطبائي) وضرب بها على الطاولة، أوقفه واعترض عليه وحذر الوزير بأن عليه الالتزام بآداب الخطاب الوطني في قاعة عبدالله السالم وبضرورة مخاطبة ممثل الأمة «بالأخ العضو»، وبسبب ذلك لم يعط الوزير بعد ذلك الفرصة للرد! كان هذا في مجلس 1963، المجلس الذي استقال منه 8 اعضاء دفعة واحدة ومن ثم تبعهم الآخرون على خلفية اصدار قوانين مقيدة للحريات. كيف حالنا اليوم؟
لا اختلف بأن الاستجوابات وحِدّة النقاشات كانت موجودة دائما حتى في تلك الايام، لكنها كانت تتصف بالأدب وبالاحترام ولا تتجاوز الحِدّة في الكلمات والنظرات وارتفاع بنبرات الصوت لا أكثر.
أما اليوم فاختلف الحال كثيرا. حال النواب وملاسناتهم صارت أقرب لشارع المراهقين وقطاع الطرق. فمظاهر الشتم وضرب النواب بعضهم لبعض «بمطارة الماي»، وبالعقل والعصي والبوكسات، مظاهر كهذه صارت على «أفا من يشيل»!
ظاهرة الشتم أظنها جاءت منذ فترة ليست ببعيدة، فترة قد تزيد على الخمس سنوات تقريبا. بظني وتحديدا جاءت في فترة النائب وليد العصيمي الذي ولأول مرة ينزل المستوى ويهبط لكلمات غير لائقة (مايو 2007). فهذا النائب بحسب ظني هو من فتح الباب واسعا لهذا المستوى المتدني من الخطاب والتصرفات.
على العموم لنعود الى العنوان بخصوص شطب الجويهل. لا يبدو أن شطب نائب اختارته الامة هو التصرف المناسب. فالنائب يظل ومع كل مساوئه اختيار الناس وممثلا للأمة بأكملها، ومن ثم يجب ألا تتجاوز اللائحة اكثر من العقوبات المتفق عليها. اما الشطب فهو من حيث المبدأ إهانة للشعب بأكمله على اعتبار أنها عقوبة لم يكن منصوصاً عليها في اللائحة، وبالتالي لا يجوز على النواب تجاوز حقوق الشعب الدستورية التي يفترض انهم مؤتمنون عليها. فتحرك النواب بهذا الشكل يؤخذ عليه بأنه سابقة سياسية، في حين يجب أن يترك الامر للحكم القضائي. فإن كان للقضاء الكلمة الفصل في هذه المسألة كان بها، أما غير ذلك فليترك مصير الجويهل للناس وللشعب.

د. حسن عبدالله عباس
hasabba@gmail.com
المصدر جريدة الراي

 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.