يبدو أن جيرتنا لإيران أو جيرتها لنا – لا فرق – صارت مصدرا لقلق أمني مضاعف، فضلا عن تعاظم فكر تصدير الثورة الذي يشتمل في ثناياه على أطماع توسعية وتدخلية في دول الخليج العربية وتشجيع أي تواصل مع فئات ومجاميع داخل هذه الدول بالتحريض والتأليب على النظام، وربما الدعم المالي كما في النموذج البحريني، واستمرار إيران باحتلال الجزر الإماراتية. وقد دخل في هذا الخط التهديدي المالكي رئيس الوزراء العراقي الذي تحدث بلهجة ومضمون يكشفان خضوعه للهيمنة الإيرانية وصيرورته ذراعا من أذرعها، خصوصا بعد أن اختار سياسة طائفية مفضوحة وفجة في العراق ذاته.
أما الخطر الأمني الآخر الذي تمثله العقلية الإيرانية اللامبالية سوى بمنهجها التوسعي فهو قادم من استمرار سياساتها النووية الخطرة، فقد اتخذت إيران من مدينة بوشهر مركزا لاختباراتها النووية ومركزا لمفاعلها النووي، وقد كشف الزلزال الأخير الذي ضرب مدينة بوشهر والمناطق المجاورة، والذي بلغت قوته على مقياس ريختر 6.3، الخطورة المباشرة والآنية التي يمثلها هذا المفاعل الذي لا توجد معلومات وبيانات دقيقة عن إجراءات السلامة والأمان المتعلقة به، خصوصا أنه يبعد عن الكويت 287 كيلومتراً وعن البحرين 300 كيلومتر وعن قطر 400 كيلومتر وعن الإمارات والسعودية 600 – 800 كيلومتر، بينما يبعد عن طهران 1200 كيلومتر! ما يكشف خطورة أي كارثة طبيعية تسبب تسربا إشعاعيا قد يصل إلى الكويت في خلال 3 ساعات، وهو ما يستوجب أن نتعامل مع هذا الموضوع بكل دقة وحرص وحذر وفقا لما يلي:
1 – قيام الهيئات المتخصصة وفي مقدمتها الهيئة العامة للبيئة، التي جاءت بتصريح غير مقنع وغامض بأن لديها القدرة على رصد أي تسرب قبل وصوله لنا بعشر ساعات، من دون أن تعطي أي إيضاحات علمية ومتخصصة حاسمة بل مجرد كلام عام ومرسل، ولذا نطالبها بوضع أجهزة رصد دقيقة مربوطة مع أكثر مراكز الرصد العالمية تطورا ومصداقية، وكذلك وضع خطة طوارئ واقعية عملية وفعالة تتضمن إجراءات إخلاء مبكر ومجدول زمنيا بساعات قبل وصول الإشعاعات إلينا، وأن يكون ذلك مدعوما بالشفافية والتدريب على الإخلاء الوهمي للمناطق السكنية، ونشر ثقافة توعوية مجتمعية في هذا الشأن، مع إقامة مآوٍ محصنة ضد التلوث والإشعاع النووي، فالكويت فيها مساحات صحراوية شاسعة لتشييد هذه المآوي بصورة عالية الجودة ومتقدمة بالتأهيل يمكن ترتيبها لأغراض متعددة مع الدفاع المدني الكويتي.
2 – الطلب والترتيب الرسمي في ما بين دول الخليج العربية وإيران على منظومة من إجراءات السلامة من مخاطر النشاطات النووية الإيرانية متضمنة متطلبات الشفافية وتبادل المعلومات وسرعة الإجراءات لتطويق كوارث الإشعاعات النووية، خصوصا مع تزايد احتمالات تعرض مدينة بوشهر لهزات زلزالية عنيفة، أو استهدافها عسكريا مستقبلا، وقد يكون من بين الاتفاقات غلق مفاعل بوشهر ونقله الى مناطق بديلة مهيأة بمنشآتها وتصميمها أن تكون آمنة عند حدوث الكوارث.
***
• قانون الوأد الإعلامي الموحد
أشرت قبل أسبوعين تقريبا إلى المشروع الحكومي الموحد للإعلام، وقد كانت لدي معلومات غير وافية لكنها كانت كافية لوصف هذا المقترح بانتهاكه للدستور وتهديده المباشر لحرية الرأي. واليوم، وبعد الاطلاع على نصوصه وأحكامه، أطلق عليه، وبكل أريحية، أنه «الوأد الإعلامي الموحد»، مستغربا كيف أقره مجلس الوزراء ودافع عنه وزير الإعلام رغم كونه يمثل انقلابا على نصوص الدستور ما يفقد هكذا حكومة أهليتها أن تكون مؤتمنة على حقوقنا وحرياتنا بعد أن حنثت بقسمها الدستوري، وخيارها الوحيد سحب المشروع وتأكيد تمسكها بالدستور والذود عن الحريات.
اللهم اني بلغت.
أ. د. محمد عبدالمحسن المقاطع
dralmoqatei@almoqatei.net
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق