عزيزة المفرج: اللهم لا حسد ولكن

يبدو ان حكمة من طلب العلا سهر الليالي التي تعلمناها في المدارس أصبحت علما قديما يتعارض مع الحداثة، وبالتالي يجب على وزارة التربية ان تسرع وتشطب تلك المقولة من مناهجها اذا كانت لا تزال موجودة، وتضع بدلا منها نظرية (مشّ نفسك ولا يهمك) واسعة الانتشار، ذلك اذا صح ما قرأناه عن موافقة المجلس على ذلك الاقتراح اللي مش ولابد.هذا الاقتراح الذي خرج من مجالس سابقة، ووافق عليه المجلس الحالي، ستصفق له بعض النساء فرحا وغبطة، وستطْلقْن اللوالش والهلاهل، وربما انطلقت من ألسنتهن عبارة الحمد لله ما أتعبنا أنفسنا، ولا سهرنا الليالي مثل غيرنا ممن طلبن العلا، ذلك أنه بفضل شوية نواب لا نعرف كيف يفكرون، وبفضل بلد كريم لا يجوع فيها المرء ولا يعرى، استطعن الحصول على مكافأة شهرية اندهشت من قيمتها كل من تعبت وكدحت وسهرت ودرست وذاكرت من أجل الحصول على شهادة.أعرف خريجات جامعيات لا يقبضن أكثر من 700 دينار رواتب شهرية تقاعدية ولذلك كان مثيرا للاستياء ان من لم تدخل مدارس، ومن لم تستيقظ الصبح مع العصافير من أجل اللحاق بطابور الصباح، ومن لم تتعب في القيام بأعباء وظيفة تشغلها، ومن لم تمر بمشاكل العمل وصراعاته ومتطلباته، خصص لها مكافأة لا تقل عن السبعمئة دينار تلك الا بقليل، فأين اذن مبادئ العدالة والمساواة بين المواطنين.في هذا القرار اشارة ورسالة واضحة للنساء بأنه لا مبرر للعناء والتعب والسهر والمذاكرة وأداء الواجبات، واعداد التقارير، والمرور برهبة الامتحان، والقلق النفسي الذي يصاحبه، ثم التوتر الذي يعقبه انتظارا للنتيجة، ثم الشهادة ونوعها، وبعدها الوظيفة، ومكانها، ونوعية ادارتها اذا كانت متكبرة أو متعسفة أو متفاهمة أو تقليدية أو متحيزة، أو أو، والزملاء والزميلات ونوعية شخصياتهم والصراعات بينهم، ومشكلات العمل، ومحاذير ترك الأطفال مع الخادمات، الى آخر ذلك كله، لأنه في النهاية الذين يعملون والذين لا يعملون، كلهم عند الحكومة سواء.الأكثر من ذلك ان تحصل على ذلك المعاش الحكومي المرتفع نساء لسن من أهل البلد، استطعن اقتناص فرصة الزواج من كويتيين، خاصة من كبار السن، وخدمهن الحظ والواسطة فحصلن على الجنسية الأمر الذي أدخلهن في مظلة من يحق لهن الحصول على ذلك المعاش، ولتضرب رؤوسهن في الحائط الكويتيات، ممن لم تحصلن على راتب الا بعد ان دخلن مدارس، وحصلن على تعليم عال، ونلن شهادات تمكّن بها من الدخول في سلك العمل.ما فعله هؤلاء النواب الذين لا يملكون من أمر نيابتهم في المجلس الا حلب الدولة الى أقصى حد ممكن، يحمل ظلما للشريحة النسائية الكويتية التي تعبت لكي تتعلم وتحصل على الشهادة، كما فيه تشجيع لمن لا تطقن الدراسة على تركها، والجلوس في المنازل طالما ان هناك راتبا مستقبليا تصرفه الحكومة لكل من لا تعمل لا يقل كثيرا عن راتب من درست واشتغلت، و(كرفت سنين وبنين). 595 دينارا يتقرر صرفها من هذا المجلس بكل سهولة، وهو مبلغ حتى نواب حدس في زمانهم لم يجرؤوا على المطالبة بمثله على الرغم من عشقهم (للمزامط) وتوقفوا عند 250 دينارا فقط، وبهذه المناسبة ما وظيفة ما يسمى بالعلاوة الاجتماعية التي تضيفها الدولة على راتب سباع البرمبة!.

عزيزة المفرج
almufarej@alwatan.com.kw
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.