من يتابع المناسبات السياسية والاجتماعية في الكويت خلال الأشهر الثلاثة الماضية يلحظ تواجداً بارزاً يلفت النظر لرئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد، فالشيخ ناصر في الفترة الماضية متواجد بشكل دائم في المناسبات الرسمية، واستقبل وفوداً رسمية عديدة آخرها استقباله لرئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي، كما أنه زار عدداً من الدول كممثل شخصي لسمو الأمير، إلى جانب تواصله الاجتماعي المكثف في المناسبات الاجتماعية وزياراته لديوانيات شيوخ قبائل، واستقباله شخصيات من داخل الكويت وخارجها، كما أنه عاود استقبال رواد ديوانه كل يوم أربعاء منذ منتصف الشهر الماضي.
النشاط المكثف للشيخ ناصر المحمد في الفترة الأخيرة يدل على أنه قرر العودة بقوة إلى الساحة السياسية، وهنا لابد من التوقف والتفكير في دلالات هذه العودة.
المتداول في الساحة السياسية هو أن الشيخ ناصر المحمد لم يعد مهتماً بالعودة كرئيس وزراء، بل هو يخطط للعودة للساحة السياسية بشكل رسمي كولي عهد عندما يحين الوقت، ولأن الطريق ليس مفروشاً بالورود لولاية العهد، لوجود طامحين آخرين بهذا المنصب، ومن أبرزهم رئيس الوزراء الحالي الشيخ جابر المبارك، فإن الصراع خلف الكواليس يجري على أشده بين الرجلين، وبحسب ما تسرب فإن الشيخ ناصر المحمد يفضل وصول نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد لمنصب رئيس الحكومة كبديل للشيخ جابر المبارك، لأنه لن يشكل له أي تحدّ جدي في سعيه للوصول لولاية العهد.
الشيخ ناصر المحمد والشيخ جابر المبارك ليسا هما الطامحين الوحيدين للمناصب العليا، فهناك الشيخ أحمد الفهد الذي وإن كان في حالة كمون في الوقت الحالي إلا أنه بالتأكيد يظل لاعباً محترفاً وهدافا من الطراز الأول، يقتنص الفرص السانحة متى ما أتيحت، ويحسب له الخصوم ألف حساب، ورغم أنه بعيد عن الأضواء إلا أنه لاشك يتابع ويراقب ما يجري، ويترقب اللحظة المناسبة للعودة وتسجيل هدف ذهبي إذا ما حانت ساعة الحقيقة، وهي ليست ببعيدة، وقد تحدث في أي وقت.
لكل من المتسابقين الثلاثة أدواته التي يستعين بها، وتحالفاته التي يستند إليها من أعضاء مجلس أمة حاليين وسابقين وشيوخ قبائل وتجار بل
وحتى كتاب صحافيين.
خلاصة القول إن عودة الشيخ ناصر للمشهد السياسي ينبئ بالعودة إلى «مداحر الشيوخ» الذي هدأ لفترة، ولكن يبدو أن «المداحر» سيعود للبروز مرة أخرى في الفترة المقبلة، وربما بشكل أوضح وأعنف، ولكن الخشية أن ينعكس هذا الصراع على استقرار مؤسسة الحكم ككل، وهو الأمر الذي ربما يسعى إليه البعض ليحتل مساحة متقدمة في السلطة ليفرض واقعاً جديداً.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق