دور الجمعيات التعاونية مهم جداً، ومنها ما توسّع بهذا الدور على الصعيد المالي.. فهل عين الرقابة الحكومية صاحية لكل هذه المصروفات؟
بين يدي التقرير السنوي لجمعية العديلية التعاونية لسنة 2012، الذي يحمل بين طياته سرداً للخدمات المقدمة من الجمعية للمراكز الحكومية بالمنطقة، وهي مكتب البريد والمخفر والمباحث والمختار والبلدية ومركز الصقر التخصصي ومركز غسل الكلى ومدارس المنطقة، وتنوعت هذه الخدمات بين أعمال الصيانة والإصلاحات الدورية لأعطال الكهرباء والصحي والتكييف للمباني وتصليح وشراء كراسي وطاولات وقطع غيار متنوعة، وتزويدهم بشفاطات وشطافات وبلاكات وأغطية مراحيض وفلاتر الماء وغسل الخزانات ودهان للحوائط، وتزويدهم بأجهزة متنوعة كأجهزة كمبيوتر ثابتة ومنقولة وطابعات وشاشات وأجهزة عرض، ومستلزماتها كالأحبار والورق والملفات وتلفزيونات وهواتف، ناهيكم عن مستلزمات عينية للضيافة من شاي وقهوة وغيرها!
لم يبين التقرير تكلفة كل هذه الخدمات والعطايا، التي هي من المعروف أنها من بند الخدمات الاجتماعية البالغ 257500 لهذه السنة لجمعية العديلية. والحديث بالطبع لا يخص جمعية العديلية من دون غيرها، وإنما يتعلق بالتعاونيات بشكل عام، وبالمراكز الحكومية بكل المناطق، فهذا البند وهذه التبرعات موجودة بكل تقارير الجمعيات وضمن أنشطتها.
لا اعتراض بالتأكيد على الدور الاجتماعي الواجب أن تلعبه الجمعية التعاونية لخدمة المنطقة وسكانها، فهذا أقل ما يجب أن تقدمه نظير التسهيلات التي تقدمها الدولة لها. وذلك ينطبق على ما يتبرع به أهل الخير بالمنطقة مشكورين للمدارس من مختبرات اللغة، وتجهيز فصول نموذجية، وبناء مرافق مختلفة، وحتى مكيفات وغيرها من الأجهزة الكهربائية.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل كل تلك المبالغ والمصاريف للجمعيات يتم إخطار الوزارات المعنية فيها؟ وهل هناك أي رقابة بأي شكل على ضمان استخدامها للغرض والمكان الذي منحت لأجله؟ وماذا عن المخصصات المالية المرصودة بميزانيات تلك الوزارات لتوفير كل هذه الاحتياجات لمرافقها المسؤولة عنها لضمان حسن أدائها؟
الخطورة الأخرى لمثل هذه التبرعات هي أن يكون لها تأثير على المساواة بين أهالي المنطقة بالخدمات، التي توفرها تلك المراكز، وتمييز أصحاب القرار بالجمعية أو أبنائهم، سواء بالخدمات المختلفة أو بالدرجات الممنوحة! وكذلك على العدالة باستفادة تلك المراكز والمدارس من التبرعات، وألا يكون أساس توزيعها «إذا حبتك عيني ما ضامك الدهر»، أو تبعا لاستفادة أعضاء مجلس الإدارة! وأخيراً مدى تساوي التبرعات من كل جمعية في المناطق المختلفة؟
يفترض أن تتم هذه التبرعات والهبات، مهما بلغت قيمتها، من خلال الوزارات المعنية، لتكون على علم ودراية بها، وأن يتم تسجيلها بكشوف معتمدة رسمياً ضمن العهد والأصول بالمدارس والمراكز الحكومية، على أن تخفض من احتياجاتها ومخصصاتها بالميزانية الخاصة بتلك الجهة الحكومية.
فإلى متى يستمر تقصير الحكومة، الذي يكشفه حجم النواقص بأجهزتها التي تعوضها الجمعيات التعاونية وبعض الخيرين من أهالي المناطق؟
محمد حمود الهاجري
Mhd_AlHajri@
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق