ظواهر غريبة غزت مجتمعنا، فغيرت السلوكيات، والتهمت الكثير من الفضائل، وأصبح ما علَّمَنا إياه ديننا الإسلامي نعمل عكسه!
حب الوطن والولاء لأرضه وغرس القيم الوطنية وتعزيزها في علاقاتنا الاجتماعية واجب شرعي، من الملاحظ ان مستوى العلاقات الاجتماعية فيما بين أبناء الوطن في تراجع مستمر منذ سنوات، بل أصبح الفرد لا يكترث بتراجعها ولا يبالي بالمحافظة على الأعراف والتقاليد والقيم التي توارثتها الأجيال على مر تاريخ هذا البلد. فهناك من يلهث وراء المصالح الشخصية، وأصبحت الأجندات الخاصة والسياسية محل اهتمامهم، فشاع الحسد والطمع بسبب النوازع المصلحية والاهتمامات الشخصية. شهدنا ظواهر غريبة على مجتمعنا خلال السنوات الأخيرة بسلوك استفزاز الآخر والجفاء في الحديث، مما أدى الى القطيعة بين بعضنا وبين بعض، وانشغلنا بالنزاعات السياسية وتسخير الاجتهادات الدينية، التي هي اثراء للمجتمع بتحويلها الى اضعافه بممارسة لغة التكفير.
لم تكن هذه سلوكيات الكويتيين فيما بينهم قبل ظهور النفط وصدور الدستور! ما الذي حدث؟ ومن السبب في الحالة المتردية التي نعيشها اليوم؟!
يقول الله في كتابه الكريم «وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا»، صدق الله العظيم.
كم منا يشكر نعمة الله التي أفاء بها على وطننا، وأقلها نعمة الثروة النفطية، التي غيرت حياتنا الكويتية، من حال الشقاء الى حال الرخاء التي نعيشها اليوم، ونعمة الدستور الذي تحت مظلته نعيش حالة الأمن والأمان والحرية في ابداء الرأي والقانون الذي يحفظ كرامة الفرد منا والذي من خلاله يسود العدل بيننا؟!
لكنه مع الأسف الشديد، هناك من لا يعمل بيننا بمصاديق العبادة الإسلامية، فمن الحديث الشريف لنبينا (صلى الله عليه وآله وسلم): «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده»، كما يقول (صلى الله عليه وآله وسلم): «المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس».
مَن منّا يطبق هذه المفاهيم الاسلامية في سلوكياته الاجتماعية مع اخوانه في المجتمع؟ فما هو حاصل عكس ذلك، إذ نرى البعض يدعي الاسلام باقامته للصلاة والصوم وغيرهما من العبادات، لكن سلوكياته غير إسلامية، والأمثلة على ذلك عديدة وكثيرة، فلا يعتد بالقانون ولا يخلص في أداء عمله ويكذب في القول، ويُكفِّر من يختلف معه في المذهب ويُسرف في استهلاكاته اليومية ولا يحفظ لسانه، بل على العكس، دائم التهكم والتهجم على من يختلف معه في الرأي، ويعتدي على دور العبادة لنشر الفتن والكراهية بين أطياف المجتمع.
لنلاحظ سلوكيات البعض حين يذهب الى صلاة الجمعة، أولها عرقلة المرور باغلاق الشارع بسيارته بحجة الصلاة، هل كانت هذه هي سلوكيات آل بيت رسول الله وأصحابه؟ ولماذا لا يقتدي المسلمون برسولهم وآل بيته وأصحابه؟ لماذا لا يكف البعض عن ممارسة الفوضى وخرق القانون وممارسة الأنانية في سلوكياتهم؟
حينما نذهب الى الدول العربية نرى ان هناك سلوكيات إسلامية، بينما في المقابل نرى مسلمين، ولكن سلوكياتهم لا تمت إلى الإسلام بصلة.
موسى معرفي
mousamarafi@hotmail.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق