في إحدى الندوات التي حضرتُها سألت الدكتور المحاضر تعليقًا على كلامه: «كأنك تقول يا دكتور إنّ حكومتنا ليست غبية!!»، فكان جوابه: «بل هي ذكية جدا جدا»!
لا أخفي عليكم أنني مازلت أشك في صحة رأيه، وكل يوم يزيد يقيني بأن شكي في محله، وبأن رأي الدكتور بشأن ذكاء حكومتنا.. ليس في محله..!
يوم أمس، صدر الحكم على النائب السابق، والأب الروحي للمعارضة في الكويت السيد مسلم البراك، بالسجن خمس سنوات بتهمة إهانة الذات الأميرية، وأضع تحت هذا الحكم عشرة خطوط، وبعده خمسين علامة استفهام، وستين علامة تعجب، وسبعين علامة (قِف، أمامك منزلَق)!
هي تساؤلات، ولا أدري! هل هي مسرحية حكومية أعدَّتها وأخرجَتها الحكومة لتحفظ ماء وجهها بعد أن وضعها اعتقال البراك في موقف محرج وبين كماشتين لا فكاك منهما، فكان هذا الحكم الذي يدرك الجميع سلفًا أنه باطل لعدم تقديم الدفاع للبراك قبل صدور الحكم، فتكون بذلك قد ضربت عصفورين بحجر، أدت ما عليها أمام مناصريها والمتربصين بمسلّم وأتباعه والمعارضة شرًّا، ثم تبرئته على أساس الحُكم الذي صيغ ليكون باطلا!
أو هو مسبار لجس نبض الشارع تمهيدا لعودة رئيس الوزراء السابق ناصر المحمد، إذا لم تلمس الحكومة رد فعل قويا من قِبَل حراك المعارضة
الشعبي تجاه الحكم الصادر على البراك!
أم هي حلقة مفصلية في مسلسل تكميم الأفواه الذي بدأ بشكل ساخن، وبتشجيع من دول مجلس التعاون التي ساءها مستوى ارتفاع سقف الحرية في الكويت في الفترة السابقة.. (أيام كان عندنا حرية نفخر بها!).
بالنسبة لي، فأنا واثقة من بطلان هذا الحكم استنادا إلى رأي الكثير من القانونيين والحقوقيين، ولكن.. يبقى السؤال الأكبر والهم الأعظم.. ما هذا الذي تفعله الحكومة بالشعب الكويتي؟! وإلى أين تأخذه بغبائها الذي يظنه بعضهم ذكاء متوهجًا؟! لماذا تصر الحكومة على تأجيج الشارع، وما يجره ذلك على البلد من ويلات وخسائر قد تكون -لا سمح الله- كارثية ومأساوية، فقط ليكون لها العذر في مزيد من تشريعات وإجراءات القمع والتكميم، الذي هو في النهاية غايتها، ولتسُوق حرية الكلمة في الكويت إلى مصير حالك الظلمة والسواد..؟! ألا تدرك أنها بذلك تجني على نفسها قبل شعبها..؟! ألا تعلم أنها بتصرفاتها الهوجاء تلك تخسر قدرًا كبيرًا من رصيد محبة الشعب لها، تلك المحبة التي طالما ميّزت العلاقة بين الحاكم والمحكوم في الكويت منذ بداية نشأة الدولة، وأن (كل ضغط إذا زاد أدّى إلى الانفجار)..؟!
ربما لم تدرس الحكومة على مقاعد الدراسة هذا القانون الفيزيائي البديهي.. وتلك هي المصيبة، أما إن كانت قد درَسَته.. فالمصيبة أعظم..!
mundahisha@gmail.com
Twitter @mundahisha
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق