ناصر العبدلي: «فطام» الرضع

هناك صراع بين طرفين وإن لم يظهرا على الواجهة أو المشهد السياسي، أحدهما «تعود» على «حلب» القطاع العام، تلك الدجاجة التي تبيض ذهبا واستمرأ ما ينتج عنها، فيما الآخر يقاتل من أجل أن «يفطم» كل أولئك الرضع، فالدولة أخذت «تشيخ»، وما لم يكن هناك حسم للوضع السائد الملتبس فستبقى كل تلك الثغرات التي يتسرب منها الفساد.
سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد هو أول من حرك المياه الراكدة، وتعامل مع مقدرات الدولة بجدية وموضوعية، وبرؤية ربما تكون الأولى منذ مرحلة ما بعد الشيخ عبدالله السالم، رغم اقتناعي بأن مراحل المنتصف لها ما يبررها، خاصة ما نتج عن الغزو العراقي من تداعيات على كل شيء، لكن كان هناك إحساس يتزايد بضرورة أن تتحول الكويت إلى دولة حقيقية.
يجب حسم كل شيء يؤشر إلى الازدواجية، بدءا من ملف الجنسية، ومرورا بملف السياسة، وانتهاء بملف الاقتصاد، فالازدواجية أنهكت بلدا كان من أكثر البلدان تميزا على الصعيد الثقافي والتطور السياسي، وهناك من بين أعضاء مجلس الأمة المبطل أدوات تريد أن تفرض علينا ثقافات جيراننا، في حين أن الكويت واحة للفكر كان يلجأ لها كل من لديه رأي آخر.
ليس هناك إشكالية برأيي من أن تقوم الحكومة بإنشاء هيئة وطنية أو لجنة من أجل «غربلة» ملفات الجنسية بشكل كامل، ومن حصل على تلك الشهادة بطريقة ملتوية، أو اتضح أنه يملك جنسية أخرى، فعليه أن يتحمل مسؤولياته لا أن يتهرب منها، فالكويت لا تحتمل أن يبقى فيها أي من الشخوص الذي يقبل أن يحمل جنسية بلد آخر غيرها، مهما كان يعتقد أن لديه الحق في فعل ذلك، ومهما كان حجمه.
الملف السياسي يفترض أن تحسم الازدواجية فيه، فالكويت دولة مرجعيتها دستورية، وما خرج عن إطار الدستور ليس مرجعا لها، وفي اعتقادي أن أول خطوة على هذا الصعيد يفترض أن تبدأ بإلغاء المادة الثانية من الدستور التي حشرت في نصوص الدستور حشرا، رغم أنها ترتبط بعقائد الناس وليس بإدارة البلد، وهذه خصوصية لا ينبغي لها أن تحشر في دستور، كما أن تعديلها ينهي عقودا من الوصاية.
الملف الاقتصادي بحاجة إلى يد الجراح الماهر وأحسبه موجودا على رأس هرم السلطة، فلا يمكن أن ينجح نظامان متناقضان في نظام، والتجربة ماثلة أمام أعيننا في مناطق كثيرة من العالم وفي الكويت، وأبرزها تجربة الجمعيات التعاونية التي نجحت في مناطق وفشلت في مناطق استنادا إلى ثقافة كل منهما، ويفترض أن يكون الواقع الاقتصادي متناغما مع الدستور وليس متناقضا معه، وما أراه أن هناك تهيئة للأجواء المفترضة وسندعمها بكل قوة.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.