ما المطلوب من الأحرار في الكويت؟ والقصد في مواجهة الهجمة السلطوية على الحريات، وفي هذه الأيام في التصدي لقانون الإعلام الجديد؟ هل سيكون طبيعياً وربما ضرورياً النظر في الاتجاه الآخر، باعتبار أن المعركة ليست معركتنا، وأن الرابح من معارضة الوضع هي القوى المعارضة لنا، أم أن الأفضل تقليد ما يسمى بالقوى الوطنية في تأييدها الساذج والجديد لقانون الاختلاط خوفاً من أن يجيّر «شرف» إسقاطه لمصلحة المجلس الحالي؟
أعتقد جازماً بأن مجرد التساؤل هنا خطأ، وأن التردد في مواجهة قانون الإعلام جريمة. فالموقف هنا، وفي جميع المواقف، يجب أن يبقى مبدئياً ومنزهاً عن كل مكسب أو خسارة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالحريات وبالمبادئ الديموقراطية الأساسية. مبادئ الحرية والعدالة والمساواة يجب ألا تخضع للمساومة أو المناورة أو طبيعة الظروف أو شكل الخصوم وحجمهم. لهذا، فإن من المستغرب في واقع الأمر ملاحظة صمت الكثير من الفعاليات والشخصيات السياسية عن إدانة قانون الإعلام الجديد والتصدي للهجمة السلطوية على الحريات.
ليس الصمت.. بل إن التلكؤ أو التباطؤ خطير، وله مردودات سلبية على حركة التطوير والتثوير الديموقراطي. فالواضح أن السلطة هنا وبسذاجة لديها اعتقاد واهم بأن القوى الشعبية التي أيدت الإجراءات السلطوية الأخيرة، والتي تصدت للعبث والاستهتار النيابي، هي قوى مجيرة «خلقة» أو بشكل دائم وأبدي لمصلحة السلطة ومع خطواتها، وأنها لن تخرج عن «الشور» أو النهج الحكومي. هذا وحده يفسر هذا الاندفاع السلطوي في قمع الحريات وفي معاداة الجميع. فالبعض في السلطة لديه قناعة بأن أغلب الناس «موالية» أو أن تبرم الشعب وحنقه على جماعات التأزيم السياسي قد وصلا إلى درجة أن أصبح كافراً بالحريات، وداعماً للسياسات الحكومية بغض النظر عن أهدافها وتوجهاتها، باعتبارها الأصلح للوطن والأفضل للأمن والاستقرار من المغامرات التي تلوح بها جماعات المعارضة.
يجب إيصال رسالة واضحة، لا تحتمل التأويل، للسلطة، بأن الناس مع الأمن والاستقرار، وأن الأمن والاستقرار قوامهما الوحيد والأكيد هو توافر الحريات والعدالة والمساواة بين الناس ولكل المواطنين، وليس انفراد طرف أو قوة أو سلطة بالأمور دون الآخرين. وأن الجميع مواطنون أحرار في إبداء آرائهم وطرح توجهاتهم، سواء وافق ذلك السلطة أو حتى قضّ مضجعها.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق