كما كان متوقعاً، فإن النصيحة المسمومة التي طلبت من مسلم البراك أن يقول «لن نسمح لك» في ساحة الإرادة، أوصلته إلى السجن.
من الواضح أن بعض بطانة البراك تستخدم مسلم لأغراضها الخاصة، وأنها مستعدة للتضحية به من أجل ذلك، وإلا هل يعقل أن يقول محمد عبدالقادر الجاسم، (وهو أحد محامي مسلم) إن «حبس البراك سوف يكسر الجمود الراهن بطريقة أو بأخرى».
هذا يعني أن بعض حاشية مسلم يستخدمه كوقود في محرقة صراعاته.
تاريخ مسلم البراك في المعارضة لا يقارن بتاريخ أحمد السعدون في المعارضة، ومع ذلك فإن السعدون دائماً ما يزن كلماته بعناية، وهو حذر في عدم الانجراف إلى الكلمات النارية التي يمكن أن تجرمه قانوناً، بعكس ما هو حاصل مع البراك وغيره من النواب السابقين الذين «وسوس لهم الشيطان الإنسان» ودفعهم للوقوع في المحظور ثم تبرأ منهم، وقال إني أخاف الله رب العالمين!
نختلف كثيراً مع مسلم في بعض مواقفه وأطروحاته، ونعتقد أنه ارتكب أخطاء كثيرة بسبب نصائح بطانته «الملغومة»، ولكنه يظل صاحب موقف يدافع عنه بصلابة، وهو بذلك متسق مع نفسه، وهو كما أعلن مستعد لدفع ثمن هذه المواقف، ولذلك من المعيب موقف الشماتة التي أظهرها البعض للحكم بسجنه، فالشماتة خلق مذموم لا يصدر من شخص يتصف بالمروءة والفروسية، فالاختلاف وحتى الخصومة مع شخص لا تعني الشماتة به إذا ما وقع في مكروه.
وفي جانب آخر، من الحكم على مسلم البراك هناك من يعتبر أن الحكم أعاد للدولة هيبتها، وهنا نقول إن مسلم إذا ما ارتكب خطأ فهو يستحق العقاب وفق القانون، ولكن هيبة الدولة لا تكون بتطبيق القانون والعقاب على مسلم فقط، فهيبة الدولة منظومة متكاملة منها تطبيق القانون على الكبير قبل الصغير، ومنها كف يد التاجر الفاسد عن نهب المال العام وأموال الناس، ومنها إصلاح المؤسسة الأمنية المهترئة وإعادة الثقة والطمأنينة للناس، ومنها منع ابن الأسرة الحاكمة من التعدي على مؤسسات الدولة، كما حصل مع أحدهم عندما اقتحم اتحاد كرة القدم جهاراً نهاراً.
عندما تطبق كل هذه الأمور نعتبر أن الهيبة عادت إلى الدولة، وإلا فإن الكثيرين ينظرون إلى تطبيق القانون الذي تتشدق به السلطة على حالة وغض النظر عن عشرات الحالات، على أنه يتم بانتقائية شديدة.
الحكم بسجن مسلم البراك ليس نهاية المطاف في الأزمة السياسية، فلهذا اليوم ما بعده.. والأيام حبلى بالمفاجآت.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق