في القراءة الأولى لمشروع قانون الإعلام الموحد الذي اقره مجلس الوزراء اخيراً كنت اتساءل بعدها: لمَ صدر الآن وفي هذا الوقت؟ ولعل ذلك سؤال يردده الكثيرون!
لا شك ان الاوضاع الحالية التي نعيشها في الكويت والبلاد العربية وسط هذا الحراك السياسي الشعبي غير المسبوق والتحولات الكثيرة والتبدلات السياسية والظهور الديني لبعض الفئات المسلحة والطامحة للوصول إلى الحكم في العديد من البلاد العربية، مع جنوحها إلى عزل الآخرين واستخدام كل اساليب العنف معهم من دون التورع عن استخدام القتل بكل الوسائل، ومنها السيارات المفخخة والانتحاريون.
في هذه الاجواء، بدأنا نستمع إلى خطاب سياسي وديني غير مسبوق، وعبارات ومصطلحات في تخوين الآخر والدعوة إلى تصفيته، واصبحت وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي احدى أهم وسائلها.
فهل جاء هذا القانون ليحد من انعكاس تلك السلبيات على المجتمع الكويتي؟ وهل يستطيع؟
هذا التساؤل المشروع يجعلنا نعمل معا؛ حكومة ومجلس امة ومؤسسات المجتمع المدني وأفرادا ناشطين، في المجال العام لدراسة كل ما يحمي مجتمعنا وابناءنا وشبابنا من تمدد خطاب الكراهية والبغضاء والتمزق.
لذا، فإن دراسة القانون وطرح البدائل هي قضية وطنية بامتياز، لان السكوت او ترك الامور الإعلامية من دون ضابط لن يكون ذا معنى.
وفي قراءتي الأولية خرجت بثلاث ملاحظات على ثلاث مواد هي:
1 – المادة 33 فقرة 5: وهي «عدم بث أي من المصنفات المرئية أو المسموعة إلا اذا كان صادرا لها اجازة مسبقة من الوزارة…».
وهذا يعني الرقابة المسبقة، وذلك ما سيقيد حرية الإعلام المرئي والمسموع ولابد من توضيحها أكثر.
2 – المادة 34: «يجب على مدير القناة ان يتحرى الدقة والحقيقة في كل ما يبثه من أخبار ومعلومات أو بيانات، وان يبث دون مقابل أي رد أو تصحيح أو تكذيب يرد إليه من الوزارة أو الجهات الحكومية أو أي شخص اعتباري او طبيعي ورد اسمه او اشير إليه في برنامج أو أي مادة اعلامية تم بثها في القناة…».
وهذه المادة أراها جيدة كي يكون لكل شخص حق الدفاع عن نفسه إعلاميا اذا ما تمت مهاجمته من دون سبب، وستجعل القنوات الفضائية تحسب اكثر من حساب قبل مهاجمة الناس.
3 – المادة 52: «لا يجوز انشاء أو تشغيل أو مزاولة أي من الأنشطة الواردة في البند أ من المادة 51 إلا بعد الحصول على ترخيص من الوزارة. وهذه المادة تعني الرجوع إلى المادة السابقة التي تمنع إنشاء أي موقع الكتروني اعلامي يبث مواد موجهة للمجتمع إلا باذن، وهذا أمر جيد، خاصة ان المادة استثنت شبكة التواصل الاجتماعي والتي تشمل المنتديات والمدونات وغرف المحادثة وغيرها من المواقع الشخصية.
بالاضافة إلى ان هناك بعض المصطلحات التي تحتاج إلى توضيح والى مزيد من الدراسة، الا ان نقاش القانون في هذه الفترة مع طرح البدائل من قبل النواب والقوى السياسية والناشطين أمر مطلوب لمنع من تسوّل له نفسه استخدام وسائل الإعلام لبث الفرقة والخلاف والاختلافات الدينية والاجتماعية بين ابناء المجتمع الواحد.
د. عبدالمحسن يوسف جمال
ajamal2@hotmail.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق