تعلمنا بعد كل تلك السنوات أن المشهد السياسي المحلي لا يخلو من «عرائس» يجري تحريكها، ودائما هناك مخرج يرتب الأجواء أو لنطلق عليه «لاعبا» رئيسيا ولاعبين «فرعيين»، وكل المشهد وتطوراته يديره ذلك اللاعب الرئيسي، ومن خلال تلك الإدارة يجري تغيير كل شيء حتى لا يتغير شيء، وتبقى الأمور على حالها.
اللاعب الرئيسي يقنع كل المشاهدين أن ما يجري هو فعلا نشاط سياسي وربما اقتصادي أو حتى اجتماعي، وإذا خرج أي من اللاعبين الفرعيين عن الخط المرسوم ستوجه له «لكمة» تعيده إلى صوابه، واللكمات بعضها «قرصات» أذن وبعضها «ينكنوت»، وكلها أدوات لتطويع اللاعبين الفرعيين، وبالتبعية تطويع «عرائس» المشهد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي.
فيما بين أولئك اللاعبين المهرة مجموعة تعيش وضعا مأساويا، وهي التي سيتمحور حولها هذا المقال، فهي
لا تملك الوعي الذي يمكنها من فهم اللعبة، وإذا فهمت في مرحلة من المراحل لا تعرف كيف ستواجه مثل ذلك الواقع، وتجدها تدور حول نفسها كأنها في حفلة «زار» على الطريقة الصوفية، والمصيبة أن تلك المجموعة هي الضحية الأولى للعبة السياسية القائمة، فهم يعيشون على أعصابهم ويتوترون وكأنما هناك طامة كبرى قادمة.
الحقيقة أن ما يجري هو سوق كبير «بازار» تباع فيه المواقف ويجري ترتيبها وكأنها بطولات، حتى أنك تجد بعضا من تلك المجموعة يصف شخصا أو مؤسسة إعلامية بالوطنية، والوضع في حقيقته عكس ذلك، فكل ما هناك أن ذلك الشخص أو تلك المؤسسة كانوا ماهرين لدرجة أنهم أقنعوا الآخرين بتلك الصفات، لكنهم لا يملكونها فعلا وهذا ما يسمى «تكتيك».
كل من ينظر إلى المشهد ولا يفهمه خاصة من المواطنين البسطاء سيرهق نفسيا وسيعيش مأساة، وستجده يردد كلاما بعضه مفهوم وبعضه غير مفهوم، عن أن «البلد قاعدة تتدهور»، أو «كل شيء ينهار أمامنا»، أو «مادري وين رايحين»، في حين أن الحقيقة أن الأمور لاتزال كما هي، وأن البلد ليست سوى بئر نفط يباع منه ثلاثة ملايين برميل يوميا، وتوزع على أبواب الميزانية الخمسة، وكل شخص يحصل على حصته حتى لو لم يعمل، وهناك في نفس الوقت «عرائس» ترقص.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق