سامي خليفة: أكذوبة الخدمات الجليلة

بعد أن أصدر مجلس الأمة تشريعا يقضي بتجنيس عدد لا يزيد على 4 آلاف شخص على بند الخدمات الجليلة، أصبح الهاجس الذي يفكر به كل من يملك ملفا في الإدارة العامة للجنسية من الإخوة المواطنين بلا هوية، أو قدامى الوافدين أو أسر الشهداء أو أبناء المواطنات، في أمرين هما: هل ستبادر الدولة إلى تجنيس الحد الأعلى المسموح تجنيسهم سنويا، أم ستكتفي بمنحها لبضع مئات فقط؟ وكيف سيتم اختيار من سيتصدر تلك القوائم التي سيتم رفعها إلى مجلس الوزراء للتصديق عليها؟
وللأسف الشديد فإنه لا توجد أي بوادر واضحة لنية معلنة من قبل الحكومة بتجنيس 4 آلاف شخص هذا العام! وكل ما هو مطروح من أخبار يتداولها النواب بطريقة «تخديرية» لأصحاب القضية، حيث يقول أحدهم إن القوائم التي سترفع لا تتعدى 1000 اسم، بينما يقول آخر إنها ستفوق 3 آلاف! وبين بورصة أرقام النواب وغياب التصريح الرقمي للحكومة يبقى الأمر مجهولا تماما، ما يدل على تخبط واضح وغياب للشفافية في التعاطي مع أمر يهم عشرات الآلاف من الناس، وأحسب أن تلك الأمور يجب أن تشكل لها لجنة اكتوارية تبحث كل الجوانب والتداعيات التي ترافق تجنيس هذا العدد، وعلى ضوء نتيجتها يمكن للحكومة أن تعلن العدد الذي سيتم تجنيسه، أما أن تُترك الأرقام هكذا يتداولها عوام الناس والنواب وحتى بعض الوزراء بصورة شبه عشوائية، ولا تستند إلى أي معايير واضحة فإن الأمر يشبه المهزلة، واللعب على مصالح أصحاب الشأن واحتياجاتهم.
وما يؤسف أيضا غياب المعايير المتعلقة بالتجنيس، ما يجعل القوائم التي يتم تجنيسها تحتوي على أسماء لا تستحق، في وقت يتم تجاهل أسماء مستحقة بكل ما تعني كلمة الاستحقاق من معنى، ولتقريب الصورة نجد أن شخصا ما يتم تجنيسه لأنه كان خادما عند صاحب نفوذ تحت بند «الخدمة الجليلة» للوطن مثلا! بينما يستبعد من القوائم شخص آخر خدم في السلك العسكري 35 عاما ونال الأوسمة الأميرية بعد مشاركته في حربي 67 و73، وتم أسره في اليوم الأول من الغزو العراقي 1990 وهو على رأس وظيفته، يؤدي واجب الدفاع عن الوطن ليطلق سراحه بعد أسره أكثر من ثمانية أشهر!
ألا يدل هذا المثال على أن هناك خللا كبيرا في المعايير التي يتم بموجبها تشخيص المستحق من غيره، وأيضا أولوية من يتم منحه الجنسية قبل غيره؟
لذا، نشد على يد سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك، الذي نحترمه كثيرا ونأمل منه كل الخير بأن يُعلن التزامه السقف الأعلى المسموح تجنيسهم هذا العام، ليسد الباب على كل متقول أو مفوه خارج دائرة المسؤولية، وأن يبادر سموه إلى إصدار توصياته بتجنيس الأكثر استحقاقا قبل غيرهم، ليطمئن الناس إلى أن هذا الملف بيد أمينة.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.