وليد الجاسم: وطب نفساً إذا حكم.. القضاءُ

الآن، وبعدما قال القضاء كلمته وأمر بالافراج عن النائب السابق مسلم البراك بكفالة 5 آلاف دينار عن حكم السجن النافذ بحقه حسب محكمة أول درجة مع استمرار النظر في قضيته، الآن، يجب ان تهدأ النفوس وتركن الى العقل والمنطق وتأخذ برهة من الهدوء يحتاجها الجانبان وتحتاجها أكثر من الجانبين الكويت، مع ترك الأمور بيد قضائنا.
الأصل أن القضاء لا يذم ولا يقدح، لا يشكر ولا يلام، ولا يحاول أحد التأثير فيه الا في الحدود المتعارف عليها والمقررة دستورياً عبر مذكرات الاتهام ومذكرات الدفاع التي يتقدم بها الخصوم كل يحاول ترجيح كفته.
كلنا نعلم ان القضاء هو مفتاح الاستقرار في البلاد، فاستقرار البلاد يصب في مصلحة جميع الاطراف، ومن هنا يجب ان يحرص الغرماء كلهم على النأي بالقضاء عن التجريح أو محاولات التأثير والبعد عن الزج به في أتون السياسة .
ان الحكم الصادر امس بخصوص كفالة النائب السابق البراك لوقف نفاذ حكم حبسه حتى استكمال التقاضي لم يكن مفاجئاً، بل كان متوقعاً عند الغالبية العظمى من رجال القانون وذلك لأمرين، الأول: الخبرات السابقة حيث تعارفنا على أن تكون الكثير من الأحكام غالباً مشددة في أولى درجات التقاضي ثم تخفف في الدرجات اللاحقة خصوصاً في غير الحالات الجنائية.
أما الأمر الثاني فهو تتبع أحكام سابقة في قضايا مشابهة أخذت نفس الاتجاه، وبالتالي لم يكن ما جرى أمس مفاجئاً، ولم يكن بتأثير أي ضغوط أو ممارسات أقدمت عليها أي أطراف.
وبالتالي، من الخطر جدا على الجميع سواء فريق النائب السابق مسلم البراك او غيره من الاتجاه المعاكس الاعتقاد والظن او حتى الايهام بان لهم اي دور او تأثير ادى الى ما قضى به القاضي.
فالقاضي لا سلطان عليه في احكامه اللهم الا القانون والضمير، ودرجات التقاضي في المحاكم لم توضع عبثا بل هي من اهم الضمانات التي تكفل حق المتهم في الدفاع عن نفسه مثلما تكفل حق صاحب الاتهام في السعي للحصول على ما يراه حقا له، وبالتالي وبعد استنفاد درجات التقاضي تصل غالبا كل الاطراف الى قناعة بما قضت به هيئة المحكمة درجة بعد درجة.
الآن، وماذا بعد؟؟.. المطلوب.. أو لنقل المأمول من كل الاطراف المؤيدة للنائب او المحرضة او المحفزة ضده ان يعطوا لنفوسهم فرصة لكي تهدأ، ويحترموا جميعاً سلطة القضاء التي تحكم باسم حضرة صاحب السمو أمير البلاد. وان نؤمن جميعا قولا وعملا بما قاله صاحب السمو وقَبِلَهُ على نفسه، فنقر جميعاً بأننا نقبل بما يقضي به القضاء ونرضخ لحكمه مرتاحين، فهو القول الفصل إذا اشتدت الخلافات واستعصت الحلول، ويجب ألا تكون بعد كلمته كلمة.

الزبدة: لا تمدح القضاء إذا أعطاك ما تريد، ولا تذمه إذا لم يعطك ما تريد، والكلام للفريقين، فذلك بالأمس غاضب وهو راضٍ اليوم، وذاك بالأمس راضٍ وهو غاضب اليوم، وهذا مالا يجوز.

وليد جاسم الجاسم
waleed@alwatan.com.kw

المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.