بات من المتعين على الكويتيين وضع أيديهم على قلوبهم أمام محاولة الانقلاب على النظام الدستوري التي تجري أمام أعينهم اليوم.
فمسألة التركيز على صراع الأغلبية البرلمانية مع (الأغلبية) وسط هذه الفوضى السياسية وخنوع الحكومة أمام استلاب المجلس لصلاحياتها يجب أن تكون محل نظر جدي، لأنها تبدو متعمدة لإشغال الرأي العام بمسائل تافهة مقابل عمل مجموعة من النواب على تغيير هوية الدولة وشكلها تدريجيا عبر ثلاث جبهات شعبية تستهدف الانقلاب على النظام.
جبهة الانقلاب الأولى تمثلت بإعلان تعديلات دستورية على مرحلتين، شهدنا منها تعديل المادة (الثانية) والمادة (79) من الدستور بما يغير هوية الدولة، والأخرى ما نشهده الآن بمطالبات تعديل نظام الحكم ليقوم على حكومة منتخبة برئيس وزراء شعبي، بما يمس الشكل العام للنظام الدستوري.
وجبهة الانقلاب الثانية، التدخل بأعمال السلطة القضائية من خلال مطالبات النواب بتعديل النظام القضائي عبر وضع آلية لاختيار القضاة ووكلاء النيابة وتحديد مدد عملهم ومسمياتهم، وهو ما استكملته اللجنة التشريعية أمس الأول باعتمادها تعديلات على قانون إنشاء المحكمة الدستورية من بينها سحب صلاحيات نظرها بتفسير المواد الدستورية وإعادة تشكيلها بما يضمن لمجلس الأمة اختيار 2 من أصل أعضائها الـ7، وهذا تدخل خطير، فالقاضي يمثل السلطة القضائية ولا يمثل موكله مجلس الأمة، ولهذا حرص المشرع على فصل السلطات بعضها عن بعض لضمان استقلاليتها. أما جبهة الانقلاب الثالثة، فمن خلال اندفاع النواب ناحية التدخل بأعمال السلطة التنفيذية وممارسة صلاحياتها وأعمالها بدلاً عنها، ورأيناها متمثلة بمطالبات التجنيس وزيادة رواتب الموظفين والتدخل بأعمال الأجهزة الأمنية، التي جسدها بوضوح الأسبوع الماضي طلب لجنة الداخلية والدفاع البرلمانية مناقشة أسس اختيار الطلبة الضباط بالجيش الكويتي وشروط ترقية الأفراد والضباط، وهو تدخل صارخ بصلاحيات صاحب السمو أمير البلاد كونه القائد الأعلى للقوات المسلحة بموجب المادة (67) من الدستور التي خولته وحده صلاحيات تولية الضباط وعزلهم بحكم القانون.
اليوم بعد أن انسحبت حكومة النهج الجديد من المشهد السياسي، من المنطقي أن تخلو الساحة للنواب فيقرروا إدارة البلد بطريقتهم، ويمارسوا صلاحيات السلطة التنفيذية والقضائية ويتدخلوا بأعمال المؤسسات الأمنية ويتعدوا على صلاحيات سمو الأمير، ويتولوا منفردين حق تقرير مصير الدولة، فقط لأنهم أغلبية مقابل حكومة خانعة تريد ضمان يوم إضافي لها بمجلس الأمة وتفادي مواجهة تعدي النواب على صلاحياتها.
على الهامش:
انتهت لجنة التحقيق بالبلاغ المقدم ضد رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد أمام محكمة الوزراء بشأن التحويلات إلى حفظ البلاغ لعدم وقوع الجريمة، وجاء في حيثيات قرار الحفظ أن “إجراءات التحويلات التي أجراها مجلس الوزراء ووزارة الخارجية قانونية ولا تشكل مخالفة وفقاً لقانون حماية الأموال العامة”، وأكدت اللجنة في قرارها “لما كان ما تقدم جميعه فإن الأوراق تكون قد خلت من ثمة جريمة يمكن إسنادها إلى المبلَّغ ضده بما يتعين معه التقرير بحفظها لعدم وجود جريمة”، وأضع أمام القارئ كلمة (جميعه) بين قوسين بما فيها ما قدمها من أقسم بساحة الإرادة أمام الألوف بأنه يملك أدلة إدانة.
على هامش الهامش:
حينما اعتدى الصحافي حامد بويابس على النائب مفرج نهار في مجلس 1992 أمر الرئيس وقتها أحمد السعدون (القديم) الحرس بإلقاء القبض عليه وتحويله إلى مخفر الصالحية ومنعه من دخول المجلس حفاظاً على هيبة مجلس الأمة، وبعدها بـ20 عاماً يعتدي شخص على نائب داخل المجلس فيتجاوز الرئيس حالياً أحمد السعدون (الجديد) المسألة دون اكتراث.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق