من المسرحيات التي تُصنَّف ضمن المسرحيات الكويتية الخالدة.. مسرحية «حامي الديار»، بما احتوته من طرح مميز ذي أبعاد سياسية واجتماعية ودينية حساسة، وبأسلوب تنوَّع بين الجدية والكوميديا والإسقاطات المباشرة.
وأجمل مافيها أنها لم تعبر عن الواقع آنذاك فقط، بل تنبأت بمستقبلٍ هو واقعنا الآن..!
حضرني من تلك المسرحية مشهد المرحوم بإذن الله الفنان علي المفيدي وهو يوجه السؤال -كنائب في البرلمان- إلى وزير التربية الذي يمثل دوره جاسم النبهان، فيقول له: «سؤالي لوزير التربية (الحين الحين الحين) وأريد منه الجواب (الحين الحين الحين). كم عدد المدارس بمختلف المراحل في الدولة؟ وكم صفا؟ وكم عدد تلاميذها وتلميذاتها؟ وكم عدد معلميها ومعلماتها؟ وكم عدد فراشيها وفراشاتها؟ وكم موظفا تم تعيينه؟ وكم موظفا تم «تفنيشه» منذ عام 1961 وحتى اليوم؟ ونأتي للقضية الكبرى وهي «تنفيد الإرشاق»، كم عدد الطباشير التي صرفتها وزارتك منذ عام 1961 وحتى اليوم، وكم ستصرف حتى عام 2000؟!».
طبعا كان يقصد «ترشيد الإنفاق»!
أقول حضرني هذا المشهد وأنا أقرأ سؤال النائب عبدالحميد دشتي الذي وجهه لكل من وزير الداخلية، والدفاع، والخارجية، والمالية، والبيئة، وشؤون مجلس الوزراء، والنفط، والتربية، والصحة، والكهرباء، والأشغال، والعدل، والأوقاف، والمواصلات، والإعلام، والدولة لشؤون الشباب، والتخطيط، والدولة لشؤون مجلس الأمة، والشؤون، والتجارة، طالب فيه بتزويده بما يلي: أعداد الموظفين حسب الجنسية (كويتي وغير كويتي)، المسجلين خلال السنتين الماضيتين كل سنة على حدة، وأعداد من يحق لهم التقييم حسب الجنسية (كويتي وغير كويتي) خلال السنتين الماضيتين كل سنة على حدة، وأعداد الذين تم تقييمهم بتقدير امتياز حسب الجنسية (كويتي وغير كويتي) خلال السنتين الماضيتين كل سنة على حدة، وأعداد الذين تم منحهم مكافأة الأعمال الممتازة حسب الجنسية خلال السنتين الماضيتين كل سنة على حدة، وإجمالي المبالغ التي صرفت للأعمال الممتازة خلال السنتين الماضيتين كل سنة على حدة.
الأسئلة هي حق للنائب وأداة دستورية شرعت لتحقيق المصلحة المنشودة من العمل البرلماني، ولها دور مباشر في التعرف على مكامن الخلل في أجهزة الدولة ومؤسساتها، بغرض الوصول إلى التشريعات والقوانين المناسبة لعلاج ذلك الخلل.
ولكن حين تتخذ تلك الأسئلة منحىً بيزنطيا سفسطائيا، لا يُرتجى منه خير، ولا نتيجة عدا هدر وقت المجلس والحكومة اللذَيْن هما أصلا مهدوران خِلقة، أو حين تكون مجرد استعراض رخيص لكسب شعبية لدى الناخبين الذين تغرهم مثل تلك الاستعراضات، أو مجرد ابتزاز من وزير وانتقام من آخر بسبب عدم تمرير معاملات لناخبيه، تكون -في الغالب- غير قانونية، أو تكون أسلوبا مُلتويا يتبعه بعض النواب لتحقيق مصالح شخصية، وأجندات خاصة لحساب طرف ضد طرف آخر، بعيدة كل البعد عن المصلحة العامة التي يحلفون بإخلاصهم في السعي إليها! ما علينا!
لا أتهم نائبا بعينه بما سبق، لكني آمل حقيقةً أن تكون الأسئلة البرلمانية الموجهة تحت قبة البرلمان نزيهة خالصة لمصلحة الوطن، وليس لأغراض أخرى، والأهم من ذلك، فإني آمل أن يكون النائب الذي يوجه مثل تلك الأسئلة -التي تحتاج إلى (هاف لوري) لحمل إجابتها- جادا بالاطلاع عليها ودراستها وفق منهج علمي واضح لديه، واستخلاص ما يطور الأداء الحكومي ويخدم خطة التنمية والتعمير، ويقضي على كل مظاهر «ترشيق الإنفاذ»، أقصد ترشيد الإنفاق.. وشكرًا..!
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق