كم هو مؤلم حين أشاهد أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات، يتجولون بين السيارات يخطرون الشوارع ليبيعوا لعبة أو علماً أو غيرهما، فكم تأثرت حينما شاهدت طفلاً أمامه كومة من البطيخ والشمس الحارقة على رأسه، وكسا وجهه الاحمرار، وبدا معذبا من شدة حرارة الشمس، فترى وجهه يتوسل نسمات مكيف باردة.
وحينما سألته عن سر وجوده في هذا الوقت وفي هذا المكان بدلا من المدرسة أو حتى المنزل، أجاب: أبي لن يأخذني إلا عندما أبيع هذا البطيخ كله، بعدها سيسمح لي بالعودة إلى المنزل!
مهما بلغ الفقر وقلّت الموارد المادية، يجب ألا تجعل من أطفالك وسيلة لكسب العيش، ومهما بلغ ضنك العيش فأنت الأب والمعيل، وإنني أعلم أن الكثير من الأهل يتاجرون عمداً ببراءة أطفالهم ليقوموا بالتسكع والتسوّل بين الإشارات والمناطق الداخلية دون حتى الحاجة الملحة إلى المال، بل من باب الجشع والطمع.
كم هو مؤلم حين يختار الأب أن يجعل ابنه بائعاً متجولاً ويتاجر بطفولته بدلاً من أن يقله للمدرسة كل يوم، فيهين كرامة طفله ويعلمه استجداء العطف بسن مبكرة، فهو كمن يرمي بطفله في غابة من الوحوش… هل تعلم أيها الأب عدد المتحرشين بالأطفال يوميا؟
وهل تعلمين أيتها الأم كم عدد الأطفال المخطوفين؟ وهل تعلمون أيها الأهل أنه إن لم يتعرض طفلك للتحرش الجسدي فسيتعرض للعنف البدني؟
وهل تعلم أيها القارئ أن منظمة الصحة العالمية تقدر حوالي 40 مليون طفل يعانون بسبب تعرضهم للعنف وأغلبية القصّر الذين يعانون الاعتداء البدني تتراوح أعمارهم بين 2 و7 سنوات، وأكثر المتضررين بشدة هم الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و5 سنوات، وأن 71 مليون طفل يعانون إصابات خطيرة وضحايا لا تعد ولا تحصى مع الاضطرابات النفسية؟
الأسرة وجدت لاحتواء أطفالها، وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم، ومن لا يستطيع القيام بذلك كان من الأفضل له ألا ينجب طفلا ويعذبه، لأن هؤلاء الأطفال ممن تم استغلال طفولتهم دون مراعاة صغر سنهم من قبل ذويهم، ستكون نفوسهم محملة بالغضب، وقد يتحولون إلى مجرمين أو حانقين على من هم أوفر منهم حظاً بالمال أو الأهل، فمهمتك أن تنتج فرداً صالحاً ليخدم مجتمعة لا مجرما يثير الشغب والفوضى في بلده.
هناك من ينجب من أجل الاستفادة من أبنائه وهم أقسى أنواع البشر، ويجب أن ترصد هذه المخالفات الإنسانية من قبل وزارة الداخلية، حيث يجب أن يكون لها سلطة لمحاربة الباعة المتجولين، ومكافحة التسول الذي بات يحدث علناً وفي كل مكان وأمام أعين رجال الداخلية، دون أن يتم ردعهم أو حتى معاقبتهم، هناك من فقد الإنسانية ولكنه يحتاج إلى القانون ليهذب أخلاقه مع الأسف!
قفلة:
عندما تتحول الكويت إلى بلد يرحب بالشحاذة والتسول حتى في أرقى المجمعات فتلك كارثة انتشرت في الجمعيات والمقاهي الراقية وكل مكان يجب أن يتم القضاء عليها ويجب دس رجال ونساء من الداخلية لتراقب وتعاقب من يقومون بهذه الأعمال!
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق