أعتقد أن حرية الرأي والتعبير مسؤولية كبيرة وجادة بالنسبة إلى من يحترم فعلاً الرأي والرأي الآخر. ومن هذا المنطلق فبروز ظاهرة “تعليقات قراء” بعض الصحف الالكترونية, وبخاصة تلك التي يعتنق أصحابها التهكم (الطنازة) وما يبدو أنه تجريح متعمد لمشاعر وتدخل في خصوصيات من يعارضهم في الرأي وما يبدو تشكيكاً في ولاء أعضاء المجتمع الآخرين. هذا النوع من التعليقات الشخصانية لبعض قراء الجرائد الالكترونية ربما ستؤدي إلى نشر البغضاء والخصومة بين أبناء الوطن الواحد, بل أعتقد أيضاً -وكما ناقشت ذلك سابقاً في هذه الصفحة حول آراء وتعليقات بعض قراء الصحف الالكترونية- أن المؤسسة الصحافية التقليدية والصحافية الإلكترونية بخاصة, تتحملان نوعاً ما من المسؤوليات الأخلاقية والمهنية بشأن فلترة تعليقات بعض قرائها: فلم يعد مقبولاً في عالمنا المعاصر أن يُسمح بنشر بعض تعليقات القراء والتي تمس أشخاصاً وسمعة الناس الآخرين حيث سيؤدي ذلك إلى هبوط مستوى الحوارات الديمقراطية في المجتمع, وتحول ما مفترض أن يكون تبادلاً عقلانياً للآراء إلى نقد شخصاني للغاية بحيث يتم تشويه سمعة الناس وإساءة الظن فيهم فقط لأنهم على خلاف مع الأقلية أو الأغلبية! فتعليقات بعض القراء وبخاصة في بعض الصحف الإلكترونية لا ترتقي أحياناً إلى نقد عقلاني وهادف, أو نقد بناء بهدف الاصلاح. فمن يراقب بعض تعليقات قراء بعض الجرائد الاكترونية لاسيما المحسوبة على تيارات سياسية وفكرية معارضة للحكومة يلاحظ سلبية شديدة للغاية تجاه الطرف الآخر الذي يحمل رأياً مختلفاً. فتنقسم فئات المعلقين في بعض الصحف الألكترونية بين مؤيدين ومعارضين لآراء ومواقف الأغلبية المبطلة ومن يؤيدون مجلس الأمة الحالي. فالحكمة والرأي السديد, بل الهدف الأخير لأي ممارسة ديمقراطية جادة هو النأي عن قذف الناس وترسيخ التعاون البناء والمثمر بين أعضاء مجتمعنا الكويتي, وليس العكس.
لا أعتقد أن “الطنازة” والتهكم والتشكيك في القدرات الشخصية أو في الولاءات الوطنية لبعض أعضاء المجتمع الآخرين يفيد, بل سيضر ويسيئ إلى مشاعر بعض المواطنين. فحري إذاً بإدارة تحرير الصحيفة الالكترونية الحرص على تطبيق معايير مهنية وصارمة بهذا الشأن.ومن المفروض أيضاً أن تحرص إدارة تحرير أي صحيفة إلكترونية على التقيد بما تنصه القوانين الحالية بهذا الشأن: قانون المطبوعات والنشر ولائحته التنفيذية (2006) وقانون الإعلام المرئي والمسموع (2007 ), ولاحقاً ان شاء الله قانون الاعلام الموحد- بعد الاضافات والتعديلات المقترحة. فلعل وعسى.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق