سؤال: ما الذي استفدناه من الحراك “الشبابي” الذي بدأ قبل عامين مع حملة “ارحل”؟! وما التغير الإيجابي الذي طرأ على حياتنا اليوم؟! هل انتهى عصر الفساد؟! هل أصبح الأداء الحكومي جميلا ورائعا؟! وهل المجلس الحالي هو ما كان يطمح هؤلاء الشباب أن يمثلهم ويعبر عن رؤاهم وأهدافهم؟!
الجواب: للأسف، لا شيء تغير، ولا شيء مما نراه اليوم كان من أحلام وآمال الشباب حين بدؤوا حراكهم بحملة “ارحل” والتي كانت تهدف إلى استبدال الرئيس السابق لمجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد باعتباره -حسب رؤيتهم- في ذلك الوقت سبب كل مشاكل البلد، وبرحيله ستصبح الحياة جميلة زاهية لا منغص ولا مكدر لها!
وبالفعل، نجحوا في إقصائه بمساندة نواب المعارضة الذين تحولوا بمرور الوقت إلى قادة لهذا الحراك، فتحول الحراك “الشبابي” إلى حراك “شيابي” الهدف منه هو تحقيق طموحات هؤلاء السياسيين في الحصول على السلطة أو “الإدارة” بعد أن حصلوا على الأغلبية في مجلس 2012 المبطل، فبدؤوا مسيرتهم بالمطالبة بتوزير 9 نواب منهم في الحكومة، فلما رفض الطلب تحولوا إلى أغلبية “طاغية” ألغت وجود الحكومة وهيبتها، فاضطرت الحكومة أن تستغل الثغرات القانونية وضبابية بعض مواد الدستور لإبطال هذا المجلس، ومن ثم صدور مرسوم الصوت الواحد الذي يقلص عودتهم بكامل العدة والعتاد، الأمر الذي جعلهم يلجؤون إلى الشارع لرفع سقف المطالبات نحو الإمارة الدستورية والرئيس الشعبي والحكومة المنتخبة وتحريض الشباب لتحقيق مطالبهم بعد أن تحولوا بقدرة قادر من “قادة” للحراك إلى “أتباع” لهؤلاء النواب، ووقود لطموحاتهم في السلطة!
فما الذي جنيناه من هذا الحراك؟! وما حصادنا من كل هذا الضجيج والصداع؟!
حصادنا أننا اليوم أمام حكومة لا تفرق كثيرا عن الحكومات السابقة، ومجلس لا نطمئن لما يسميه “تعاون” مع الحكومة ونخشى أن يصبح مستقبلا أداة التنفيذ لما تتمناه السلطة وتهدف إليه، ومعنى هذا -إن حدث- أنه لا حسيب ولا رقيب على أموال وثروات أجيالنا القادمة، وأن الخسائر التي جنيناها من الحراك والمقاطعة التي نتجت عنه أننا تركنا مصيرنا ومستقبل أجيالنا للمجهول، وأصبح الطريق سالكا لأن نخسر معها كل مكتسباتنا الدستورية طوال الخمسين عاما الماضية!
هذا هو حصادنا السياسي، فماذا عن حصادنا الاجتماعي؟!
1- استسهال التطاول على الذات الأميرية من قبل بعض النواب المبطلين، وهو أمر جديد على مجتمع اعتاد اعتبار أميره والداً للجميع، واعتاد السياسيون فيه توجيه النقد للحكومة ووزرائها دون التوجه للذات الأميرية وتجريحها، الأمر الذي دعا بعض الشباب المغرر بهم لتقليد هؤلاء دون إدراك لعواقب السلوك قانونيا، مما جعلهم يقبعون بالسجون بدل جلوسهم في قاعة المحاضرات في المعاهد والجامعات!
2- إشراك الأطفال في التظاهرات والمسيرات والسياسة، وهو أمر كارثي، يعبر عن سذاجة وجهل في أصول التربية عند البعض، فتحول هؤلاء الأطفال الى ناشطين سياسيين يقذفون رجال الأمن بالحجارة ويصعدون على سياراتهم في منظر يثير الضحك والبكاء في آن واحد؛ لما آلت إليه الأمور في فقدان رجال الأمن لهيبتهم بهذا الشكل المأساوي!
3- اعتياد الأجهزة الأمنية ضرب المواطنين واعتباره أمراً عادياً بمرور الوقت، وهو حدث غريب طرأ على هذا المجتمع الذي لم يألف هذه المناظر، فالكويتيون منذ البدء يعتبرون بعضهم إخوانا، ومن الصعب أن تجد من يستلذّ أو يرضى بضرب إخوانه المواطنين أو يقول “حيلكم فيهم” كما يحث هذه الأيام!
4- الأحكام القضائية التي طالت الكثيرين ممن تجاوزوا القانون بعباراتهم التي يجرمها القانون، بعضهم بتعمد وبعضهم عن جهل أو سذاجة، والنتيجة أن أصبح لدينا سجناء رأي “برغبتهم وإرادتهم” ولم نعد نفاخر بأننا نعيش في دولة تخلو سجونها من سجناء الرأي، بل إننا اليوم نحتاج إلى سجون إضافية تستوعب الأعداد الهائلة منهم!
زبدة الكلام أن الحراك بحاجة إلى حراك آخر يصحح من مساره ويخفف من آثاره، فقبل أن تعارض وتسعى إلى الإصلاح يجب أن تكون لك خطة واضحة المعالم لأهدافك، لا أن يكون حراكك مجرد رد فعل، فتصبح لك كل يوم قضية، وكل ساعة هدف، فتدخل في حالة توهان، وتتوهنا معك!
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق