لن أتحدث عن أهمية الاقتصاد ولن أخوض في تفاصيله، لأني لا اعرف منه سوى اسمه ولأنني ايضا لست آدم سمث ولا إبراهيم دبدوب. فكل ما اعرفه ان الله خلق من الماء كل شيء حي وان التجارة تسعة اعشار الرزق كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الكويت ماؤنا بالتقطير واقتصادنا بالتقتير فقطاع المال والاعمال كالماء يحيي كل شيء، ولكنه توقف عن الحراك ولا يوجد سوى حراك الشارع الذي شوه كل ما هو جميل وصنف كل تاجر على انه مخادع وعميل وكل مشروع على انه سرقة، فانصرف الناس عن البورصة التي أصبحت خاوية موحشة كمقبرة اليهود في شرق بعد ان تراجع السوق الى الهاوية وأحيلت بعض الشركات العريقة الى دائرة الإفلاس ونشبت الخلافات بين التجار انفسهم بعد ان كانوا اهلا وخلانا ودب الذعر في البنوك وانخفضت أسعار الفوائد وارتفعت أسعار العقارات حتى اصبح سعر المتر المربع بقيمة شقة في الريف الفرنسي، كل ذلك والحكومة تلعب «لبيدة» في النهار «وطبق حنا طبق ماش» في المساء وكأن الأمر لا يعنيها وكأنما الاقتصاد الوطني هو ما يعود على الدولة من عائدات النفط فقط متجاهلة الدور الحيوي للحراك الاقتصادي في انعاش كل مناحي الحياة فكل شركة «متعلبش» في رقبتها آلاف المساهمين من البسطاء الذين أودعوا مدخراتهم في اسهم مدرجة او في حصص شركات غير مدرجة او المشاركة في بعض المشروعات الصغيرة، فتوقف الحراك الاقتصادي هو توقف لكل حراك سوى حراك واحد وهو الحراك السياسي الذي غالبا ما يكون عبارة عن ردة فعل لإحباط الناس من الجمود الاقتصادي لخشيتهم على مستقبلهم. ففي كل أزمة اقتصادية لا بد ان يصاحبها أزمة سياسية فالناس في مثل تلك الظروف يبحثون عما يشغلهم ويعزيهم في خسارتهم، لذلك فسرعة استجابة المحبط للحراك السياسي تكون اسرع من غيره فكما هو معلوم فالسياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة وعلاقتهما عكسية فكلما ازدهر الاقتصاد انخفضت حدة الاحتقان السياسي وانتشرت الابتسامات في الشوارع والأحياء، فالنفوس تهدأ وتطمئن كلما صعد المؤشر الأخضر للأعلى وينتابها الهلع والهستيريا كلما انخفض الى الاسفل وتكثر المشاجرات في الدواوين ويقل معدل رسائل الواتساب الحميمة، خصوصا تلك التي ترسل كل يوم جمعة لذلك لا بد من معالجة الوضع الاقتصادي عاجلا حتى لا يصاب المجتمع بعدوى « ارحل ».
info@redlinekw.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق