إبراهيم العوضي: الأطماع الإيرانية والفتنة الطائفية

أصبح الخطر الإيراني اليوم على دول الخليج تحديدا ودول المنطقة عموما من المسلمات التي يجب أن يتعامل معها ساسة دول المنطقة بكل جدية وحزم. فالتاريخ وواقع الحال وكل المعطيات والفرضيات تشير إلى إثبات تلك التوجهات العدائية لإيران وأطماعها المستمرة للسيطرة على مقدرات ومدخرات ومراكز القرار في جميع دول الخليج بلا استثناء.
الشواهد التاريخية على ذلك كثيرة والأحداث المتتالية التي شهدتها المنطقة في الماضي القريب والبعيد هي خير دليل على ذلك. فإيران ومنذ عام 1971 وهي تحتل ثلاثة جزر إمارتية وهي طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبوموسى، وإيران كذلك تعتبر الداعم الأول لحركة الحوثيين المسلحة في اليمن الداعية إلى إقامة إمارة إثنا عشرية خاصة بها تكون منفصلة ذات سيادة وكيان مستقل. وإيران أيضا هي من توفر الدعم لنظام بشار الدموي وهي التي تمد هذا النظام بالعتاد والسلاح لقمع شعبه الأعزل. وإيران كذلك هي من هددت مرارا وتكرارا بإغلاق مضيق هرمز.
وإيران أيضا هي من هددت دول الخليج وبشكل علني على لسان ممثلها في منظمة الدول المصدرة للنفط بأنه في حال تعويض دول الخليج عن النفط الإيراني إذا ما تم فرض عقوبات على إيران، فإن دول الخليج وحدها ستتحمل وبإرادتها أي حوادث ستحصل لها ولناقلاتها. وإيران كذلك هددت دول الخليج بسحب قواتها من مملكة البحرين لأنها تعتبرها بكل بساطة جيشا محتلا قام بحرق المصاحف وهدم المساجد وهي بذلك تشكل استفزازا للجمهورية الإسلامية. ولعل التصريحات الإيرانية المتكررة عن البحرين ليست بالجديدة، فهي كانت وما زالت تشكك باستقلال البحرين ووجودها التاريخي وتعتبرها جزءاً لا يتجزأ منها. وأخيرا، إيران نفسها زرعت شبكة تجسسية اكتشفتها الأجهزة الأمنية الكويتية وما زالت المحاكم الكويتية تنظر في أمرها. وفوق كل هذا وذاك، هناك من يشكك في هذا الخطر المحدق!
واقعيا، تعلم إيران جيدا صعوبة تدخلها العسكري في دول المنطقة التي تتمتع بحماية أميركية أوروبية، ليس حبا بها ولكن للحفاظ على خيراتها النفطية. وإيران تعلم كذلك أن أي تصرف عدائي منها قد يساهم في فرض مزيد من العقوبات السياسية والاقتصادية التي أرهقت بالفعل كاهلها.
لذلك، بدأت إيران اليوم اللعب على وتر خلق مزيد من الصراعات الطائفية والعقائدية بين مواطني الدول العربية المحيطة والقريبة كالعراق وسورية ولبنان والبحرين وهي تعلم أنه السلاح الأكثر فتكاً والأكثر سهولة وسلاسة في التنفيذ، وذلك بهدف خلق إختلالات اجتماعية وطبقية على المدى القصير ليمكنها من بسط نفوذها التدريجي على المدى البعيد! ولعل ذلك ينبع من تجربتها في الحرب العراقية الإيرانية التي كان سببها الظاهر خرق اتفاق الجزائر 1975 إلا أنها حسابيا قامت على أساس صراع طائفي بحت.
إن التنبه إلى هذا الأمر أصبح غاية في الأهمية، فالحرب الطائفية التي شهدتها العراق أخيرا، على سبيل المثال، وأنا لا أشك لحظة بأن إيران هي من تقف خلف مسبباتها، أودت بحياة أكثر من 200 شخص وأصيب الآلاف بالجروح في غضون أربعة أيام فقط، فإن لم تعِ دول المنطقة هذا الخطر جيدا، فسيكون دورها هو القادم لا محالة!

إبراهيم أديب العوضي
Email: boadeeb@yahoo.com
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.