قبل أكثر من 10 أيام نشرت إحدى الصحف تغطية بربع صفحة لحفل تخرج (طلبة) الجامعة الأميركية في لندن، الغريب في الأمر أن حفل التخرج تم في الكويت مع أن اسم الجامعة يوحي بأن مقرها في لندن، وبالتالي يجب أن يكون حفل تخرجها في مقرها الدائم. لكن الغرابة تزول عندما نعرف أن الجامعة ما هي إلا جامعة وهمية على الإنترنت وغير معترف بها، وتستخدم اسم “الأميركية” و”لندن” كنوع من إعطاء الشرعية لشهاداتها المضروبة، مما يثير الدهشة، فكيف يسمح لمثل هذه المهزلة أن تحدث في البلد؟!
وتزداد الدهشة عندما نعرف أن موضوع هذه الجامعة قد أثير في البرلمان البريطاني بتاريخ 17/6/2004، حيث سأل فيها اللورد كويرك عن الوضع القانوني لهذه الجامعة، وكان جواب وكيلة وزارة التعليم البارونة آشتون بأن هذه المؤسسة غير معترف فيها كجامعة من قبل السلطات البريطانية، وليس لديها التصريح اللازم لاستخدام كلمة “جامعة”، وغير معترف فيها لدى السلطات الأميركية أيضا!
وكل هذه الحقائق تثير الأسئلة التالية: هل الحكومة وبالأخص وزارة التعليم العالي على علم بهذه الحقائق؟ ومنذ متى وهذا الدكان التعليمي يقيم حفلات التخرج في الكويت؟ وكم عدد خريجيها الموظفين لدى وزارات الدولة ومؤسساتها؟ وكم عدد خريجيها الذين يتولون مناصب الحكومة؟ وماذا ستكون إجراءات وزارة التعليم العالي حيال هذا الدكان بعد قراءتهم لهذا المقال، خاصة إذا علمنا أن هذه المؤسسة غير معترف فيها في السعودية؟!
والسؤال الأكبر هو: إلى متى يستمر مسلسل الشهادات الوهمية الذي ازدادت وتيرته في السنوات الأخيرة بفضل عبقرية الحكومة متمثلة بديوان الخدمة المدنية التي زادت الكوادر في القطاع الحكومي بشكل فوضوي، وبمباركة بل بتحريض من أخيها شهاب الدين مجلس الأمة؟ ومتى نعي كمجتمع ومواطنين ومهتمين بالشأن العام أن نموذج الدولة الريعية والحكومة المتضخمة هو الذي شجع على تزايد هذه الظاهرة، بما أن الوظيفة الحكومية مضمونة ولا تعتمد على الإنتاجية ولا على اسم الجامعة؟ فصارت الشهادات الوهمية جسر عبور للكوادر والمزايا المالية وليس طلباً للعلم والإبداع، وكل ذلك بفضل هذا النموذج الخطأ والمتهور في إدارة الدولة. فلا حل لهذه المصيبة الكبيرة سوى بتعديل نموذج الدولة من أساسه، وذلك بتخفيض حاد في حجم الحكومة وخصخصة قطاعات الدولة بشكل ذكي يعطي المواطنين نصف أسهم تلك القطاعات حتى ينكشف هؤلاء المزوّرون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق