سارة المكيمي: 15 يوماً إلى دبي..


أتحين الفرصة عندما أكون وحدي في المكتب حيث لا يراني أحد, وأمسك نفسي متلبسة بالعد والإحصاء! أرفع الرزنامة وأشطب الأيام الماضية بخط أحمر عريض لكي لا تعود ولا أراها من جديد. أترك القلم وأمرر اصبعي على الأيام المتبقية أعدها الى أن أصل الى آخر يوم من هذا الشهر. على الرزنامة كتبت في مربع اليوم الأخير “دبي” وحولها حامت نجوم بالأحمر وقلوب حب صغيرة على الزوايا الأربع! هل أنا متلبسة بجرم الهرب? ما الذي أجده مختلفاً ومميزاً في دبي لكي أكاد لا أطيق الانتظار حتى نهاية الشهر في رحلة نهاية اسبوع خطط لها زوجي وفاجئني بالتذاكر وحجز الفندق هكذا بلا مقدمات!
إن كانت دبي او غيرها, الوجهة عادة لا تهم, الابتعاد قليلا عن المعتاد والروتين يشكل الشغف الأكبر والهم الشاغل لدى الكويتيين بعامة! قال لي زميل ان السفر يجر السفر! “مود” السفر يمتد الى ان تستقر الروح لفترة طويلة في كنف الملل, وإن لم يتم الاستقرار ستلتهم شهوة الطيران الى بلاد الله الواسعة كل رغبة في البقاء. أسررت له يوما أنني أحتاج الى التغيير! عدد لي على أصابعه كل الأشياء التي غيرتها منذ بداية السنة: رحلات متعددة, سيارة جديدة, ملابس وأحذية وشنط وأثاث جديد, حتى خادمة جديدة .. ابتسم وقال لي ربما هي الوظيفة!
في الحقيقة هي لاشيء, التغيير طارئ قابل للإدمان لهؤلاء الذين يعتبرونه جزءاً من إثارة حياتهم اليومية, الحاجة الى فورة الأدرينالين عند الكثير من البشر عامل أساسي يترقبونه بشغف وأحيانا يدمنونه حتى الثمالة, لذلك نجد مصطلح “Adrenaline Addiction” في القواميس الطبية المعتمدة. يتحول الهوس بالإثارة العقلية أحيانا الى مرض لابد من معالجته! ولإننا في الكويت نحصل على أقصى فوراتنا من عاصفة غبارية ضخمة, او إثارة مهترئة من “الجندول” مثلا او “رولر كوستر” عفى عليها الزمن في مدينة ترفيهية شمطاء, كان لابد لنا ان نطور وسائل جديدة ننتظرها لتحفز فينا ذلك الإدمان على كل ما نستسيغه ويستثير فيها روح التجديد وفورة الحياة.
اكتشفت أنني أعد الأيام والليالي للجوء الترفيهي الى دبي لأن آخر مرفق ترفيهي افتتح في الكويت كان المركز العلمي! وآخر فعالية مثيرة حقا نظمتها الكويت لم تعد أصلا في طي الذاكرة, وآخر فرقة موسيقية عالمية استضافتها الكويت لم يكن لها وجود, وآخر احتفال شهدته الكويت لايزال في طور التحضيرات الأولى, وآخر مسرحية تمنيت فعلا حضورها كانت “سيف العرب”. حديقة الشِعب بلا شُعَب, و”شوبيز” الله اعلم بحاله, الدائري الأول صار العاشر, استاد جابر حدث ولا حرج, النافورة الراقصة أحيلت للآداب, الجزيرة الخضراء أصبحت صفراء.. وآخر خبر هز الكويت كان خبر “البصقة”!

sjm1306@gmail.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.