«سباق الإنجازات» الذي يندفع مجلس الأمة لتحقيقه ويتفاخر نوابه بعدد ما أنجزوه من تشريعات وقوانين ليس بالضرورة مدعاة للفخر، فالمسألة ليست بالكم الكبير من القوانين المنجزة، ولكن في القدرة على تحقيقها وتنفيذها على أرض الواقع وإلا باتت مجرد حبر على ورق لا أكثر ولا أقل.
ما الحكمة من إيراد قائمة طويلة بالقوانين المنجزة التي لم يشعر المواطن بمردودها عليه؟
وهل المسألة مجرد تبرئة ذمة.. و«احنا سوّينا اللي علينا وقدمنا لكم هذا الكم من القوانين.. وكيفكم»؟!
أظن أن الإنجازات الورقية هي أسهل ما يمكن عمله وتحقيقه وممكن لمجلس الأمة أن يقر كل يوم عشرة قوانين لو أراد، ولكن الإنجازات الصحيحة هي الإنجازات القائمة فعلاً على أرض الواقع والتي يجني ثمرها المواطن والوافد المقيم على أرض الكويت، هذا هو الإنجاز الصعب الذي أخفقت الحكومة حتى الآن في تحقيقه مثلما أخفق المجلس في إجبارها عليه.
الرئيس علي الراشد قال قبل أيام إن «الحكومة لم ترد التحية للمجلس»، وهو يقصد أن ما قدمه النواب من تعاون كبير مع الحكومة واتخاذهم قرارات بتجميد وإرجاء وقتل الاستجوابات لم يلق تقديراً ورداً بالمثل من الحكومة، وهذا يعكس قناعة من رئيس المجلس أن بالإمكان تحقيق المزيد والكثير أفضل من الوضع الراهن، ويؤكد أن الإنتاج الكمي لا قيمة له إن لم يظهر ويستشعر به على أرض الواقع.
إن المواطنين والمقيمين يحتاجون بالدرجة الأولى إلى تسهيل الإجراءات وقتل الروتين ورفع مستوى الخدمات العامة التي تصر الدولة على احتكارها، فلاهي التي قدمتها بشكل ناجح للناس، ولا هي التي تركتها للغير يجتهدون ويحاولون الارتقاء بها.
ولكن مجلس الوزراء يبدو أنه متفرغ لإدارة الصراع اليومي أكثر مما يهتم بالقفز والارتقاء في مستوى الأداء الحكومي، والوزراء مكبلون إلى حد كبير بالقوانين الإدارية التي تجبرهم على التعاون مع مسؤولين قد لا يكونون صالحين، وهي حجج يمكن تقبلها وتفهمها.
لكن المواطن في النهاية لا يأبه بكل هذا، المهم لديه أن يشعر أن حياته باتت أسهل، وإجراءاته أيسر والروتين القاتل يتضاءل والخدمات المتهالكة تتحسن، وهذا ما لا يمكن لنائب أو وزير أن يبرر عدم تحقيقه للناس بالقول اننا قدمنا هذه القائمة الطويلة جداً من القوانين، ونحن مجلس إنجاز رضيتوا ولا انرضيتوا!!
فهل للقوانين غير القابلة للتنفيذ أي قيمة؟.. وهل للإنجازات الورقية أي أهمية؟
هذا ما نرجو من الأخوة النواب فهمه وتجاوزه والبحث عما يسجل حقاً في رصيدهم كإنجاز.. وليس كأوراق سرعان ما تذهب في مهب الريح.
٭٭٭
إذا استمر الوضع الراهن للإنجاز البرلماني والأداء الحكومي، أظن أن الكثيرين سوف يتمنون أحكاماً من المحكمة الدستورية لا يتمناها النواب.
وليد جاسم الجاسم
waleed@alwatan.com.kw
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق