محمد حيات: الديموقراطية لا تئِد الحرية

تناضل الشعوب من أجل الحصول والثبات على قيمة الحرية التي من خلالها يستطيع «البشر» إدارة شؤون حياتهم بروح المسؤولية الجماعية، فسطر التاريخ نجاحات الإدارة الجماعية في شؤون الأوطان والأمم وكذلك لم يُقصر التاريخ يوماً ما في شرح وتدوين فشل الإدارة الفردية القائمة على التقديس والتبجيل الخُرافي للفرد الخارق والقائد!
يبدو أن الحكومات العربية لم تستوعب وتفهم بعد رواية (الربيع العربي) التي انطلقت بمصداقية وشفافية الشعوب في بداياتها ونجاحها في ثورة التغيير وعدم توفيقها مرحلياً في ثورة التطوير والنهضة وهذا أمر متوقع بتجارب التاريخ ولكن لابد من وقفة واعتراف بأن ثورة تغيير الطغاة أسهل بكثير من ثورة إصلاح ما ثبتهُ الطغاة من فساد وعبث خلال كل تلك السنين! فطريق التطوير أصعب من طريق إزاحة رموز الفساد والطغيان، فثورة التطوير بحاجة لأفق ومنهجية ونهج أوسع وأشمل يُحاكي احتياجات المواطن العربي القائمة على المواطنة في ظل القيم الإنسانية من عدالة ومساواة وحرية!
لابد أن تعي الأنظمة والحكومات العربية تماماً أن الشعوب انتفضت وثارت من أجل البحث عن الحرية والعزة والكرامة قبل الخبز والماء والقوت! التي توافرت وفق قياس الحد الأدنى في ظل حكم الطغاة بعد كفاح المواطن من أجل ضمان أبسط حقوقه اليومية من طعام وشراب ونوم! وفي ظل هذا الفقر والشح الذي تعرض له المواطن العربي كان على يقين تام بأن في ظل ثورة الحرية سوف تُضرب مصالحه اليومية بعد توقف الاستقرار المرحلي والسياحة في أوطانه وهذا مما يؤثر على أعماله الشاقه على مدار اليوم المتعب من أجل لقمة العيش! التي كانت قبل الثورة هي طموح هذا المواطن المنكوب الذي كرس حياته في ظل حكم الطغيان في إطار العيش من أجل الأكل فقط لاغير!
بعد تضحية المواطن بلقمة عيشه واسترخاصها مقابل حريته وعزته وكرامته الجائعة! وبعد كل هذه التضحيات من أجل خلق مجتمع مؤسسي جماعي يوفر بعد تحديات طويلة وطناً لكل مواطنيه تزهو به العدالة والحرية والمساواة والعيش والعمل والنهضة والتقدم والمشاركة في الحكم! نستغرب من الحكومات العربية باتخاذ منهجية جديدة وهي وأد الحرية عبر الأُطر الديموقراطية وتشويه صورة كل منتقد وتحويل مفهوم إعلام الدولة إلى إعلام الحكومة دون الشعب! ومن ثم ينتقدون بشده أسلوب النقد الطائش من قبل المواطن الصحافي عبر فضاء الشبكة العنكبوتية من قبل وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الإلكتروني ويتجاهلون سبب تكوين هذا النقد الطائش من قبل المواطن، الذين هم سبب مباشر في صنع طيشهِ بالنقد لهم ولأساليبهم بسبب إغلاقهم كل وسائل التعبير عبر احتكار الحكومات لوسائل الإعلام بكافة أنواعها المقروءة والمسموعة والمرئية إلى أن أتى لنا الغرب باختراع الانترنت ووسائله التي لا تحترم حدودا برية وبحرية وأجواء وخرائط جغرافية فدكت حصون وأسوار وقلاع حكومات وأجهزتها المحدودة في ظل هذا الفضاء الشاسع والمُتسع للجميع بلا تمييز!
يا حكومات عليكم أن تعوا بأن معركة تقييد حرية الإعلام ووسائله المتاحة في أيدي الجميع معركة خاسرة وحان للشعوب أن تعبر عما بداخلها من هموم وكبت السنين وحان لكم السمع والطاعة إن كنت صادقين بما ترددون من شعارت إصلاحية ديموقراطية، وأيضاً سلاحكم من طراز وأد الحرية عبر الديموقراطية سينقلب إلى سلاح دمار شامل لكياناتكم الهشة القائمة على مصالحكم الضيقة وثقوا تماماً آجلاً أم عاجلاً أن الديموقراطية لا تئِد الحرية! اللهم بلغت اللهم فاشهد!
آخر سالفة!
إرادة الشعوب لا رادع لها سوى تحقيق مطالبها…

Mjh_kuwait@hotmail.com
@m_joharhayat
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.